للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأحاديث الواردة في ذمّ (البذاذة والتبذل)

١-* (عن أبي جحيفة- رضي الله عنه- أنّه قال: آخى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم بين سلمان وأبي الدّرداء، فزار سلمان أبا الدّرداء فرأى أمّ الدّرداء متبذّلة «١» فقال لها:

ما شأنك؟ قالت: أخوك أبو الدّرداء ليس له حاجة في الدّنيا. فجاء أبو الدّرداء، فصنع له طعاما فقال له: كل.

قال: فإنّي صائم، قال: ما أنا بآكل حتّى تأكل. قال:

فأكل، فلمّا كان اللّيل ذهب أبو الدّرداء يقوم، قال: نم، فنام، ثمّ ذهب يقوم فقال: نم. فلمّا كان من آخر اللّيل قال سلمان: قم الآن، فصلّيا. فقال له سلمان: إنّ لربّك عليك حقّا، ولنفسك عليك حقّا، ولأهلك عليك حقّا، فأعط كلّ ذي حقّ حقّه. فأتى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فذكر ذلك له، فقال له النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «صدق سلمان» ) * «٢» .

٢-* (عن عائشة- رضي الله عنها- أنّها قالت: دخلت عليّ خولة بنت حكيم بن أميّة، وكانت عند عثمان بن مظعون- قالت: فرأى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بذاذة هيئتها، فقال لي: «يا عائشة، ما أبذّ هيئة خويلة» .

قالت: فقلت: يا رسول الله، امرأة لا زوج لها «٣» ، يصوم النّهار ويقوم اللّيل، فهي كمن لا زوج لها، فتركت نفسها وأضاعتها. قالت: فبعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى عثمان بن مظعون فجاءه فقال: «يا عثمان أرغبة عن سنّتي؟» قال: فقال: لا والله يا رسول الله ولكن سنّتك أطلب، قال: «فإنّي أنام وأصلّي، وأصوم وأفطر، وأنكح النّساء. فاتّق الله يا عثمان، فإنّ لأهلك عليك حقّا، وإنّ لضيفك عليك حقّا، وإنّ لنفسك عليك حقّا فصم وأفطر، وصلّ ونم» ) * «٤» .

٣-* (عن أبي سعيد الخدريّ- رضي الله عنه- أنّه قال: دخل رجل المسجد يوم الجمعة والنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم على المنبر- فدعاه فأمره أن يصلّي ركعتين، ثمّ دخل الجمعة الثّانية- ورسول الله صلّى الله عليه وسلّم على المنبر- فدعاه فأمره، ثمّ دخل الجمعة الثّالثة فأمره أن يصلّي ركعتين، ثمّ قال:

«تصدّقوا» ففعلوا فأعطاه ثوبين ممّا تصدّقوا ثمّ قال:

«تصدّقوا» فألقى أحد ثوبيه، فانتهره رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وكره ما صنع ثمّ قال: «انظروا إلى هذا فإنّه دخل المسجد في هيئة بذّة، فدعوته فرجوت أن تعطوا له فتصدّقوا عليه وتكسوه فلم تفعلوا، فقلت: تصدّقوا، فأعطيته ثوبين ممّا تصدّقوا ثمّ قلت: تصدّقوا فألقى أحد ثوبيه. خذ ثوبك، وانتهره» ) * «٥» .


(١) معنى هذا أن أبا الدرداء كان غائبا فاستقبلته أم الدرداء فرآها متبذلة انظر: فتح الباري (٤/ ٢٤٨) .
(٢) البخاري- الفتح ٤ (١٩٦٨) .
(٣) هكذا وقع في الأصل، والمراد أنها كمن لا زوج لها نظرا لانشغاله عنها بصيام النهار وقيام الليل.
(٤) أحمد (٦/ ٢٦٨) . وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (٤/ ٣٠١) : رواه أحمد ورجاله ثقات.
(٥) رواه أحمد في «المسند» (٣/ ٢٥) واللفظ له، والنسائي رقم (١٤٠٧) و (٢٥٣٥) وأبو داود رقم (١٦٧٥) ، والترمذي (١٥١) مختصرا.