للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وسحره بكلامه، استماله برقّته وحسن تركيبه..

وإذا أطلق ذمّ فاعله، وقد يستعمل مقيّدا فيما يمدح «١» .

[السحر اصطلاحا:]

قال ابن قدامة- رحمه الله-: هو عقد ورقى يتكلّم به أو يكتبه السّاحر أو يعمل شيئا يؤثّر في بدن المسحور أو قلبه أو عقله من غير مباشرة له.

وقالا لتّهانويّ: هو الإتيان بخارق عند مزاولة قول أو فعل محرّم في الشّرع أجرى الله سبحانه عنده ابتداء «٢» .

وقال الكفويّ: السّحر: كلّ ما لطف مأخذه ودقّ، وهذا في السّحر الحلال «٣» ، أمّا السّحر الحرام المنهيّ عنه فقد عرّفه بقوله: مزاولة النّفوس الخبيثة لأفعال وأحوال يترتّب عليها أمور خارقة للعادة لا يتعذّر معارضته، ويطلق على ما يفعله صاحب الحيل بمعونة الآلات والأدوية، وما يريك إيّاه صاحب خفّة اليد «٤» .

وقال بعضهم: السّحر: قلب الحواسّ في مدركاتها عن الوجه المعتاد في صحّتها عن سبب باطل لا يثبت مع ذكر الله عليه وقيل: أمر خارق للعادة صادر عن نفس شرّيرة ولا يتعذّر معارضته «٥» .

[السحر حقيقة وتخيل:]

قال الرّاغب: السّحر يقال على معان:

الأوّل: الخداع وتخييلات لا حقيقة لها نحو ما يفعله المشعوذ بصرف الأبصار عمّا يفعله لخفّة يد، وما يفعله النّمّام بقول مزخرف عائق للأسماع، وعلى ذلك قوله تعالى: سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ (الأعراف/ ١١٦) .

الثّاني: استجلاب معاونة الشّيطان بضرب من التّقرّب إليه، كما في قوله تعالى: وَلكِنَّ الشَّياطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ (البقرة/ ١٠٢) .

الثّالث: ما يذهب إليه الأغتام (جمع أغتم وهو الّذي لا يفصح شيئا) وهو اسم لفعل يزعمون أنّه من قوّته يغيّر الصّور والطّبائع فيجعل الإنسان حمارا ولا حقيقة له عند المحصّلين.

وقد تصوّر من السّحر تارة حسنه فقيل: إنّ من البيان لسحرا، وتارة دقّة فعله حتّى قالت الأطبّاء:

الطّبيعة ساحرة، وسمّوا الغذاء سحرا من حيث إنّه يدقّ ويلطف تأثيره «٦» .

ثمّ إنّ السّحر يطلق ويراد به الآلة الّتي يسحر بها، ويطلق ويراد به فعل السّحر، والآلة تارة تكون معنى من المعاني فقط، كالرّقى والنّفث في العقد وتارة تكون بالمحسوسات كتصوير الصّورة على صورة المسحور وتارة بجمع الأمرين: الحسّيّ والمعنويّ وهو


(١) مقاييس اللغة (٣/ ١٣٨) ، الصحاح (٢/ ٦٧٩) .، اللسان (سحر) (٣/ ١٩٥١، ١٩٥٢) .
(٢) المغني لابن قدامة (٨/ ١٥٠) .
(٣) الكليات (٤٩٥) ، ومن ذلك السحر الكلامي الذي عرفه بقوله: غرابة الكلام ولطافته المؤثرة في القلوب المحولة إياها من حال إلى حال كالسحر (٥١٠) .
(٤) الكليات (٥١٠) .
(٥) التوقيف (١٩١) .
(٦) المفردات للراغب (٢٢٦) ، والتوقيف على مهمات التعاريف (١٩١) .