للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ثراء في الإيمان ... وثروة في لغة القرآن]

مقدمة اللجنة اللغوية بقلم: أ. دكتور عبد الفتاح عبد العليم البركاوي

- أستاذ أصول اللغة بجامعة الأزهر وأستاذ الدراسات العليا بجامعة أم القرى

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ... وبعد

فإن أصدق تعبير عن هذه الموسوعة هو ما جاء في العنوان الذي اخترناه لهذا التقديم: ثراء، وثروة، فهي تتضمن ثراء إيمانيّا بما تتضمنه من الآيات والأحاديث والآثار والأحكام الشرعية وآداب السلوك، وهي أيضا ثروة في لغة القرآن بما تتضمنه من شرح للمفردات اللغوية الواردة في عناوين الصفات، أو للكلمات الغريبة الواردة في متون الأحاديث، ذلك فضلا عن توضيح المعاني الاصطلاحية لألفاظ الصفات، والكشف عن الفروق الدقيقة بينها.

لقد جاءت مقدمات الصفات متضمنة بحوثا لغوية موجزة تتعلق بأصول هذه الألفاظ وكيفية اشتقاقها، كما تضمنت وجوه استعمال اللفظ في القرآن الكريم اعتمادا على كتب الوجوه والنظائر من ناحية، وعلى كتب التفسير من ناحية أخرى، وهنا كان للجنة جهد بارز يتجلى في تصنيف الآيات القرآنية وفقا لما جاء في المصدرين معا (كتب التفسير، وكتب الوجوه والنظائر) «١» ، وفيما يتعلق بالتعريفات الاصطلاحية لم تكن المهمة سهلة كما قد يتصور للوهلة الأولى، ذلك أن كثيرا منها لم تتضمنه كتب الاصطلاحات المعروفة، وهنا كان الاعتماد على أقوال المفسرين وشراح الحديث واللغويين في استنباط المعنى الاصطلاحي الذي يبرز في هذه الموسوعة للمرة الأولى، هذا بالإضافة إلى التفرقة الدقيقة بين معاني المصطلحات التي قد يظن أنها مترادفة «٢» أو متطابقة وهي- في الحقيقة- ليست كذلك مثل التدبر والتفكر والتأمل ونحوها، وبذلك أضافت الموسوعة إلى ما كتبه علماء الفروق «٣» إضافات لا يمكن الاستغناء عنها لمن يريد الوقوف على حقائق معاني الأخلاق الإسلامية من ناحية، وعلى دقة اللغة العربية في التعبير من ناحية ثانية، وإذا كانت الأشياء إنما تتميز بأضدادها ويتضح معناها أكثر إذا اقترنت بنظائرها، فقد حرصنا في نهاية كل مقدمة لغوية على أن نشير إلى الصفات المتقاربة التي تدخل مع الصفة المتحدث عنها في نفس الإطار الدلالي وتشكل معها حقلا لغويا واحدا «٤» مما يساعد على الفهم الصحيح لكل صفة على حدة، كما أشرنا أيضا إلى الصفات التي تضاد هذه الصفة


(١) كتب الوجوه والنظائر كتب متخصصة في الكشف عن وجوه استعمال اللفظ القرآني في معان عديدة، وأقدم ما وصل إلينا منها كتاب الأشباه والنظائر لمقاتل بن سليمان (١٥٠ هـ) . وقد يحدث ذلك في لفظ دون آخر، وقد تتبعنا ما ورد من ذلك في المصادر الأصلية.
(٢) يراد بالترادف أن يطلق لفظان أو أكثر للدلالة على معنى واحد مثل: البر والقمح والحنطة، أو مثل السنة والعام والحول والحجّة.
(٣) وذلك مثل أبي هلال العسكري في كتابه «الفروق اللغوية» .
(٤) تعد نظرية الحقل اللغوي في الدراسات الدلالية من أحدث ما توصل إليه علم اللغة العام، انظر في هذه النظرية وكيفية تطبيقها على اللغة العربية، كتابنا: مدخل إلى علم اللغة الحديث ص ١٥٥ (ط. أولى) .

<<  <  ج: ص:  >  >>