للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأحاديث الواردة في ذمّ (اللؤم)

١-* (عن أبيّ بن كعب- رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «إنّه بينما موسى عليه السّلام- في قومه يذكّرهم بأيّام الله. وأيّام الله نعماؤه وبلاؤه. إذ قال: ما أعلم في الأرض رجلا خيرا أو أعلم منّي. قال فأوحى الله إليه. إنّي أعلم بالخير منه. أو عند من هو؟ إنّ في الأرض رجلا هو أعلم منك. قال: يا ربّ! فدلّني عليه. قال: فقيل له: تزوّد حوتا مالحا. فإنّه حيث تفقد الحوت. قال فانطلق هو وفتاه حتّى انتهيا إلى الصّخرة. فعمّي عليه. فانطلق وترك فتاه. فاضطرب الحوت في الماء. فجعل لا يلتئم عليه. صار مثل الكوّة «١» . قال: فقال فتاه: ألا ألحق نبيّ الله فأخبره؟ قال فنسّي. فلمّا تجاوزا قال لفتاه: آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا. قال: ولم يصبهم نصب حتّى تجاوزا. قال: فتذكّر قال: أرأيت إذ أوينا إلى الصّخرة فإنّي نسيت الحوت وما أنسانيه إلّا الشّيطان أن أذكره واتّخذ سبيله في البحر عجبا. قال:

ذلك ما كنّا نبغ فارتدّا على آثارهما قصصا. فأراه مكان الحوت. قال: هاهنا وصف لي. قال: فذهب يلتمس فإذا هو بالخضر مسجّى ثوبا، مستلقيا على القفا. أو قال: على حلاوة القفا «٢» . قال: السّلام عليكم.

فكشف الثّوب عن وجهه قال: وعليكم السّلام. من أنت؟ قال: أنا موسى. قال: ومن موسى؟ قال: موسى بني إسرائيل. قال: مجيء ما جاء بك؟ «٣» قال: جئت لتعلّمني ممّا علّمت رشدا. قال: إنّك لن تستطيع معي صبرا. وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا. شيء أمرت به أن أفعله إذا رأيته لم تصبر. قال: ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصي لك أمرا. قال: فإن اتّبعتني فلا تسألني عن شيء حتّى أحدث لك منه ذكرا. فانطلقا، حتّى إذا ركبا في السّفينة خرقها. قال: انتحى عليها «٤» . قال له موسى- عليه السّلام-: أخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئا إمرا. قال: ألم أقل إنّك لن تستطيع معي صبرا؟ قال: لا تؤاخذني بما نسيت، ولا ترهقني من أمري عسرا. فانطلقا حتّى إذا لقيا غلمانا يلعبون. قال: فانطلق إلى أحدهم بادي الرّأي «٥» فقتله. فذعر عندها موسى- عليه السّلام- ذعرة منكرة. قال: أقتلت نفسا زاكية بغير نفس لقد جئت شيئا نكرا» . فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، عند هذا المكان: «رحمة الله علينا وعلى موسى، لولا أنّه عجّل


(١) الكوة: بفتح الكاف، ويقال بضمها. وهي الطاق.
(٢) على حلاوة القفا: وهي وسط القفا. ومعناه لم يمل إلى أحد جانبيه. وهي بضم الحاء وفتحها وكسرها. أفصحها الضم.
(٣) مجيء ما جاء بك: قال القاضي: ضبطناه مجيء مرفوع غير منون عن بعضهم وعن بعضهم منونا قال: وهو أظهر. أي أمر عظيم جاء بك.
(٤) انتحى عليها: أي اعتمد على السفينة وقصد خرقها.
(٥) بادي الرأي: بالهمز وتركه. فمن همزه معناه أول الرأي وابتداؤه. أي انطلق إليه مسارعا إلى قتله من غير فكر. ومن لم يهمز فمعناه ظهر له رأي في قتله. من البداء. وهو ظهور رأي لم يكن. قال القاضي: ويمد البداء ويقصر.