للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المثل التطبيقي من حياة النبي صلّى الله عليه وسلّم في (تفريج الكربات)

٢٤-* (عن جابر بن عبد الله- رضي الله عنهما- قال: توفّي أبي وعليه دين، فعرضت على غرمائه أن يأخذوا التّمر بما عليه فأبوا، ولم يروا أنّ فيه وفاء، فأتيت النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فذكرت ذلك له فقال: «إذا جددته فوضعته في المربد آذنت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم» «١» .

فجاء ومعه أبو بكر وعمر، فجلس عليه ودعا بالبركة ثمّ قال: «ادع غرماءك فأوفهم» . فما تركت أحدا له على أبي دين إلّا قضيته، وفضل ثلاثة عشر وسقا «٢» سبعة عجوة وستّة لون، أو ستّة عجوة وسبعة لون «٣» .

فوافيت مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم المغرب فذكرت ذلك له، فضحك فقال: «ائت أبا بكر وعمر فأخبرهما» ، فقالا:

لقد علمنا إذ صنع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ما صنع أن سيكون ذلك.

وقال هشام عن وهب عن جابر: «صلاة العصر» . ولم يذكر «أبا بكر» ولا «ضحك» .

وقال «وترك أبي عليه ثلاثين وسقا دينا» .

وقال ابن إسحاق عن وهب عن جابر «صلاة الظّهر» ) * «٤» .

٢٥-* (عن عبد الله الهوزنيّ؛ قال: لقيت بلالا مؤذّن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بحلب، فقلت: يا بلال، حدّثني كيف كانت نفقة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؟ قال: ما كان له شيء، كنت أنا الّذي ألي ذلك منه منذ بعثه الله إلى أن توفّي، وكان إذا أتاه الإنسان مسلما فرآه عاريا يأمرني فأنطلق فأستقرض فأشتري له البردة فأكسوه وأطعمه، حتّى اعترضني رجل من المشركين فقال: يا بلال، إنّ عندي سعة فلا تستقرض من أحد إلّا منّي، ففعلت، فلمّا أن كان ذات يوم توضّأت ثمّ قمت لأؤذّن بالصّلاة، فإذا المشرك قد أقبل في عصابة من التّجّار، فلمّا أن رآني قال: يا حبشيّ، قلت: يالبّاه، فتجهّمني وقال لي قولا غليظا، وقال لي: أتدري كم بينك وبين الشّهر؟ قال: قلت: قريب، قال: إنّما بينك وبينه أربع، فآخذك بالّذي عليك فأردّك ترعى الغنم كما كنت قبل ذلك، فأخذ في نفسي ما يأخذ في أنفس النّاس حتّى إذا صلّيت العتمة رجع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى أهله فاستأذنت عليه، فأذن لي، فقلت: يا رسول الله، بأبي أنت (وأمّي) إنّ المشرك الّذي كنت أتديّن منه قال


(١) الجداد: صرام النخل أي قطع ثمرتها، النهاية (١/ ٢٤٤) والمربد: الموضع الذي يجعل فيه التمر لينشف كالبيدر للحنطة. النهاية (٢/ ١٨٢) .
(٢) الوسق: ستون صاعا، وهو ثلاث مئة وعشرون رطلا عند أهل الحجاز وأربع مئة وثمانون رطلا عند أهل العراق على اختلافهم في مقدار الصاع والمد. النهاية (٥/ ١٨٥) .
(٣) العجوة واللون: العجوة نوع من تمر المدينة يضرب إلى السواد. النهاية (٣/ ١٨٣) واللون نوع من النخل، وقيل: هو الدقل وقيل: النخل كله لون ما عدا البرني والعجوة ويسميه أهل المدينة الألوان واحدته لينة. النهاية (٥/ ٢٧٨) .
(٤) البخاري- الفتح ٥ (٢٧٠٩) .