للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لا يشاركهم فيها أحد، قال تعالى: سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلى مَغانِمَ لِتَأْخُذُوها ذَرُونا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونا كَذلِكُمْ قالَ اللَّهُ مِنْ قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنا بَلْ كانُوا لا يَفْقَهُونَ إِلَّا قَلِيلًا «١» .

[غزوة ذات الرقاع:]

جزم الإمام البخاري بأنها حصلت بعد غزوة خيبر «٢» وكانت وجهة الغزوة بلاد غطفان القريبة من خيبر شمال المدينة، ولم يقع في هذه الغزوة قتال بين المسلمين وغطفان، ولكن أخاف بعضهم بعضا، فصلى المسلمون صلاة الخوف بمنطقة نخل التي تبعد يومين عن المدينة «٣» ، وقد حصلت في هذه الغزوة بعض الأحداث التي كانت لها دلالاتها الكبيرة، منها قصة الأعرابي الذي تسلل إلى معسكر المسلمين وهم في طريق عودتهم إلى المدينة، في وقت القيلولة وقد نزل النبي صلّى الله عليه وسلّم تحت شجرة علق عليها سيفه، فاخترطه الأعرابي والنبي نائم فاستيقظ، فقال له الأعرابي من يمنعك مني؟ فقال له الرسول صلّى الله عليه وسلّم: «الله» «٤» ، فسقط السيف من يده ولم يعاقبه النبي، ونزلت الآية:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ «٥» .

[السرايا بين غزوة خيبر وعمرة القضاء:]

كان أول تلك السرايا، هي سرية عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- الذي بعثه النبي صلّى الله عليه وسلّم في ثلاثين راكبا إلى تربة القريبة من الطائف، وحينما علمت بطون هوازن الساكنة في تربة بذلك هربوا، فرجع عمر بأصحابه إلى المدينة، وكان ذلك في شعبان السنة السابعة من الهجرة. «٦»

وفي الوقت نفسه كان أبو بكر الصديق- رضي الله عنه- قد تولى أمر سرية بعثها النبي صلّى الله عليه وسلّم إلى بني فزارة


(١) القرآن الكريم- سورة الفتح، الآية/ ١٥، وانظر الطبري- تفسير ٢٦/ ٥٠، وقد قسم الرسول صلّى الله عليه وسلّم خيبر إلى قسمين قسم وزعه على الفاتحين وقسم جعله لما ينزل به من نوائب ووفود، وقسمت حصة المقاتلة على أساس أن للفارس سهمين وأن للراجل سهما واحدا (أبو داود- السنن ٣/ ٤١٣، الحاكم- المستدرك ٢/ ١٣١) وقد ثبت أن مهاجرة الحبشة عادوا خلال هذا الوقت إلى المدينة، وتوجهوا إلى خيبر حين علموا بأمر غزوة النبي صلّى الله عليه وسلّم إليها، غير أنهم وصلوا إليها بعد الفتح وكان عددهم يتراوح بين ٥٢- ٥٣ بقيادة جعفر بن أبي طالب، فأعطاهم النبي صلّى الله عليه وسلّم من الغنائم ولم يقسم لأحد لم يشهد الفتح سواهم (البخاري- الصحيح- كتاب فرض الخمس ٦/ ٢٣٧، مسلم- الصحيح كتاب فضائل الصحابة ٤/ ١٩٤٦) .
(٢) البخاري- الصحيح (فتح الباري حديث ٤١٢٨) وكذلك عند أبي معشر مما ذكره ابن حجر، وهو الراجح عند ابن حجر أيضا. وذهب ابن إسحاق أنها سنة ٤ هـ بعد الخندق (ابن هشام- السيرة ٣/ ٢٨٢) ، وعند الواقدي وابن سعد أنها كانت في أول السنة الخامسة من الهجرة (مغازي ١/ ٣٩٥، الطبقات ٢/ ٦١) .
(٣) البخاري- الصحيح (فتح الباري ٧/ ٤١٦- ٤٢١) .
(٤) المرجع السابق (فتح الباري- الأحاديث: ٤١٣٥- ٤١٣٦) وفيه تصريح باسم الأعرابي.
(٥) القرآن الكريم- سورة المائدة، الآية/ ١١، وانظر ابن كثير- التفسير ٣/ ٥٨- ٥٩، من رواية عبد الرزاق بسنده عن طريق معمر إلى جابر، والطبري- تفسير ١٠/ ١٠٦، ابن هشام- السيرة ٣/ ٢٨٧- ٢٨٨ بإسناد متصل، وانظر ابن حجر الفتح ٧/ ٤١٧.
(٦) الواقدي- مغازي- رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ٢/ ٧٢٢، ابن سعد- الطبقات ٢/ ١١٧ معلقا.