الشّرك اسم من قولهم: أشرك به يشرك إشراكا، وهو مأخوذ من مادّة (ش ر ك) الّتي تدلّ على مقارنة وخلاف انفراد «١» ، ومن ذلك الشّركة، وهي أن يكون الشّيء بين اثنين لا ينفرد به أحدهما، يقال: شاركت فلانا في الشّيء، إذا صرت شريكه، وأشركت فلانا، إذا جعلته شريكا لك، ومنه قوله تعالى: وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي (طه/ ٣٢) وشركته في البيع والميراث أشركه شركة، والشّرك: الكفر.
وقال الرّاغب: الشّركة والمشاركة: خلط الملكين، وقيل: أن يوجد شيء لاثنين فصاعدا، عينا كان ذلك الشّيء أو معنى، يقال: شركته، وأشركته وشاركته، وتشاركوا، واشتركوا في كذا، والشّريك: المشارك، وجمعه شركاء وأشراك مثل شريف وشرفاء وأشراف، والمرأة شريكة، والنّساء شرائك، والمشرك من أشرك بالله تعالى، أي جعل له شريكا في ملكه، والمشركون في قوله تعالى:
فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ (التوبة/ ٥) أكثر الفقهاء يحملونه
الآيات/ الأحاديث/ الآثار
٩٦/ ٦٢/ ١١
على الكفّار جميعا، وقيل: هم من عدا أهل الكتاب، والشّرك (أيضا) : الاشتراك في الأرض ونحوها وفي حديث معاذ: «أنّه أجاز بين أهل اليمن الشّرك» وذلك أن يدفعها صاحبها إلى آخر بالنّصف أو بالثّلث أو نحو ذلك. وقول عمر بن عبد العزيز- رضي الله عنه- «الشّرك جائز» وهو من ذلك. قال الأزهريّ: سمعت بعض العرب يقول: فلان شريك فلان، إذا كان متزوّجا بابنته أو بأخته، وامرأة الرّجل: شريكته، ومعنى الشّرك في قوله تعالى: لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ (لقمان/ ١٣) أي لا تجعل له شريكا في ربوبيّته، وقد دخلت الباء الجارّة لأنّ معناه لا تعدل به غيره، ومن عدل به شيئا من خلقه، فهو كافر مشرك.
وقال القرطبيّ في تفسير هذه الآية: لمّا نزل قوله تعالى:
الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ (الأنعام/ ٨٢) شقّ ذلك على أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: ليس هو كما تظنّون، إنّما هو كما قال لقمان لابنه لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ واختلف في عبارة إِنَّ الشِّرْكَ
(١) مقاييس اللغة لابن فارس (٣/ ٢٥٢) ، المفردات للراغب (٢٥٩) ، الصحاح (٤/ ١٥٩٤) ، لسان العرب (٤/ ٢٢٤٩) ، النهاية (٢/ ٤٦٧) .