للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الاعتراف بالفضل]

[الاعتراف لغة:]

مصدر اعترف بالشّيء أي أقرّ به، وهو مأخوذ من مادّة (ع ر ف) الّتي تدلّ على معنيين: الأوّل تتابع الشّيء متّصلا بعضه ببعض ومن ذلك عرف الفرس، والآخر السّكون والطّمأنينة ومنه المعرفة والعرفان، تقول عرف فلانا عرفانا ومعرفة، وهذا أمر معروف لأنّ من عرف شيئا اطمأنّ إليه، ومن أنكره توحّش منه ونبا عنه. ومن هذا المعنى قولهم: اعترف بالشّيء إذا أقرّ، كأنّه عرفه فأقرّ به «١» ، وجاء في الصّحاح:

والاعتراف بالذّنب: الإقرار به واعترفت القوم، إذا سألتهم عن خبر لتعرفه.

وربّما وضعوا اعترف موضع عرف كما وضعوا عرف موضع اعترف «٢» ، ويقال عرف بذنبه عرفا واعترف (اعترافا) : أقرّ «٣» . وضدّ (الاعتراف) الجحود والنكران، وفي التّنزيل يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَها (النحل/ ٨٣) .

وأمّا الفضل: فهو الإحسان وهو ضدّ النّقص والنّقيصة، ويقال: رجل مفضال وامرأة مفضالة على قومها إذا كانت ذات فضل سمحة، وأفضل عليه

الآيات/ الأحاديث/ الآثار

٥/ ٢١/ ٤

وتفضّل بمعنى. وأمّا المتفضّل فهو الّذي يدّعي الفضل على أقرانه، وتقول: فضّلته على غيره تفضيلا:

إذا حكمت له بذلك، وفاضلته ففضلته، إذا غلبته بالفضل. والفضلة والفضالة، ما فضل من شيء «٤» .

[الاعتراف بالفضل اصطلاحا:]

ولا يختلف المعنى الاصطلاحيّ للاعتراف بالفضل عن معناه المألوف في اللّغة، وهو أن يقرّ المتفضّل عليه من النّاس بفضل من يصدر عنه الفضل ولا يجحده أو يتناساه، ولا شكّ أنّ المولى- عزّ وجلّ- هو صاحب الفضل في الأولى والآخرة، إذ هو المتفضّل على أهل الدّنيا مسلمهم وكافرهم بنعمه الّتي لا تحصى، وفي الآخرة يدخل عباده الصّالحين الجنّة ويورثهم دار المقامة من فضله.

[الاعتراف بالفضل في القرآن الكريم:]

أمرنا الله تعالى في القرآن الكريم بألّا ننسى الفضل فيما بيننا، وأن ننسب هذا الفضل إلى أهله، ولمّا كان الله- عزّ وجلّ- هو صاحب الفضل في الأولى والآخرة، فقد امتدحت آي الذّكر الحكيم من يعترف بهذا الفضل له سبحانه، كما نعى على الكفّار


(١) باختصار وبعض تصرف عن مقاييس اللغة (٤/ ٢٨١) .
(٢) الصحاح (٤/ ١٤٠٢) .
(٣) لسان العرب (ع ر ف) (ص ٢٨٩٩) .
(٤) لسان العرب (٦/ ٣٤٢٨- ٣٤٣٠) . والصحاح (٥/ ١٧٩١ ١٧٩٢) .