للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[الاستعانة]

[الاستعانة لغة:]

مصدر استعان وهو من العون بمعنى المعاونة والمظاهرة على الشّيء، يقال: فلان عوني أي معيني وقد أعنته، والاستعانة طلب العون، قال تعالى:

وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ (البقرة/ ٤٥) ، والعون الظّهير على الأمر، الواحد والاثنان والجمع والمؤنّث فيه سواء، وقد حكي في تكسيره أعوان، والعرب تقول: إذا جاءت السّنة جاء معها أعوانها، يعنون بالسّنة: الجدب، وبالأعوان: الجراد والذّئاب والأمراض. وتقول: أعنته إعانة واستعنته واستعنت به فأعانني وتعاونوا عليّ واعتونوا: أعان بعضهم بعضا، وتعاونّا: أعان بعضنا بعضا، والمعونة: الإعانة، ورجل معوان حسن المعونة، وكثير المعونة للنّاس وكلّ شيء أعانك فهو عون لك كالصّوم عون على العبادة «١» .

[واصطلاحا:]

قال ابن تيميّة- رحمه الله تعالى-: «الاستعانة:

طلب العون من الله، ويطلب من المخلوق ما يقدر عليه من الأمور» «٢» .

[الاستعانة الإيمانية والاستعانة الشركية:]

قال ابن تيميّة- رحمه الله تعالى-: «إنّ العبد مجبول على أن يقصد شيئا ويريده ويستعين بشيء

الآيات/ الأحاديث/ الآثار

٧/ ١٧/ ١٤

ويعتمد عليه في تحصيل مراده، وهذا المستعان به على قسمين وهما:

القسم الأوّل: ما يستعان به لنفسه فيكون هو الغاية الّذي يعتمد عليه العبد ويتوكّل عليه، ويعتضد به، ليس عنده فوقه غاية في الاستعانة.

والقسم الثاّني: ما يكون تبعا لغيره بمنزلة الأعضاء مع القلب، والمال مع المالك، والآلآت مع الصّانع. والنّاظر في أحوال الخلق يجد أنّ النّفس لا بدّ لها من شيء تثق به وتعتمد عليه في نيل مطلوبها هو مستعانها سواء أكان ذلك هو الله أم غيره وإذا كان المستعان غير الله فقد يكون عامّا، وهو الكفر كمن عبد غير الله مطلقا أو سأل غير الله مطلقا. وقد يكون خاصّا في المسلمين ممّن غلب عليهم حبّ المال أو حبّ شخص أو حبّ الرّياسة أو غير ذلك بحيث يعتمد عليها ويستعين بها، وما أكثر ما تستلزم العبادة الاستعانة، وصلاح العبد في عبادة الله واستعانته به، ومضرّته وهلاكه وفساده في عبادة غير الله والاستعانة بما سواه، وتوحيد الله وإخلاص الدّين له في عبادته واستعانته في القرآن كثير جدّا؛ بل هو قلب الإيمان، وأوّل الإسلام وآخره، وهذا هو دين الإسلام العامّ الّذي بعث به جميع الرّسل، فلا يصرف لغير الله


(١) لسان العرب لابن منظور (٥/ ٣١٧٩- ٣١٨٠) ، وانظر الصحاح للجوهري (٦/ ٢١٦٨- ٢١٦٩) .
(٢) مجموع الفتاوى (١/ ١٠٣) .