للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[اليأس اصطلاحا:]

قال المناويّ: اليأس: القطع بأنّ الشّيء لا يكون، وهو ضدّ الرّجاء «١» .

وقال العزّ: اليأس من رحمة الله: هو استصغار لسعة رحمته- عزّ وجلّ- ومغفرته، وذلك ذنب عظيم وتضييق لفضاء جوده «٢» .

وقال الكفويّ: اليأس: انقطاع الرّجاء «٣» .

وقال الرّاغب هو انتفاء الطّمع «٤» .

وقال ابن الجوزيّ: القطع على أنّ المطلوب لا يتحصّل لتحقّق فواته «٥» .

[اليأس فى القرآن الكريم:]

ذكر بعض المفسّرين أنّ اليأس في القرآن على وجهين:

أحدهما: القنوط: ومنه قوله تعالى وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ (يوسف/ ٨٧) . وإنّما عبّر باليأس عن القنوط، لأنّ القنوط ثمرة اليأس.

الثاني: العلم: ومنه قوله تعالى أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ لَوْ يَشاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعاً (الرعد/ ٣١) : أي أفلم يعلموا «٦» .

[الفرق بين اليأس والقنوط والخيبة:]

قال أبو هلال العسكريّ:

الفرق بين اليأس والقنوط والخيبة: أنّ القنوط أشدّ مبالغة من اليأس، وأمّا الخيبة فلا تكون إلّا بعد الأمل. إذ هي امتناع نيل ما أمّل، وأمّا اليأس فقد يكون قبل الأمل وقد يكون بعده، والرّجاء واليأس نقيضان يتعاقبان تعاقب الخيبة والظّفر «٧» ويستفاد ممّا ذكره ابن حجر: أنّ اليأس ألّا يأمل في وقوع شيء من الرّحمة وأنّ القنوط تصميم على عدم وقوعها «٨» .

[حكم اليأس:]

عدّ ابن حجر اليأس من رحمته تعالى من الكبائر مستدلّا بقوله سبحانه: إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ وبعد أن ذكر عددا من الأحاديث المبشّرة بسعة رحمته- عزّ وجلّ- قال: عدّ هذا كبيرة هو ما أطبقوا عليه، وهو ظاهر، لما فيه من الوعيد الشّديد «٩» .

[للاستزادة: انظر صفات: القنوط- الحزن- الضعف- الوهن- سوء الظن- التخاذل.

وفي ضد ذلك: انظر صفات: العزم والعزيمة- الابتهال- الاستغاثة- الرغبة والترغيب- اليقين- النشاط- التفاؤل- العمل- حسن الظن- التوكل] .


(١) التوقيف (٣٤٦) .
(٢) شجرة المعارف والأحوال (١٢٠) .
(٣) الكليات (٩٨٥) .
(٤) المفردات (٥٥٢) .
(٥) نزهة الأعين النواظر لابن الجوزي (٦٣٣) .
(٦) المرجع السابق (٦٣٣) .
(٧) الفروق اللغوية (٢٤٠) .
(٨) انظر الزواجر (١١٤) ، وقارن بالفقرة التالية.
(٩) المرجع السابق (١١٤) .