للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الأحاديث الواردة في (التفكر)]

١-* (عن عطاء قال: دخلت أنا وعبيد بن عمير على عائشة فقالت لعبيد بن عمير: قد آن لك أن تزورنا، فقال: أقول يا أمّه كما قال الأوّل: زر غبّا تزدد حبّا. قال فقالت: دعونا من رطانتكم هذه. قال ابن عمير: أخبرينا بأعجب شيء رأيته من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: فسكتت ثمّ قالت: لمّا كانت ليلة من اللّيالي قال: «يا عائشة، ذريني أتعبّد اللّيلة لربّي» قلت والله إنّي لأحبّ قربك وأحبّ ما سرّك. قالت:

فقام فتطهّر ثمّ قام يصلّي. قالت: فلم يزل يبكي حتّى بلّ حجره، قالت: ثمّ بكى فلم يزل يبكي حتّى بلّ لحيته، قالت: ثمّ بكى فلم يزل يبكي حتّى بلّ الأرض، فجاء بلال يؤذنه بالصّلاة، فلمّا رآه يبكي. قال: يا رسول الله لم تبكي وقد غفر الله لك ما تقدّم وما تأخّر؟ قال: «أفلا أكون عبدا شكورا، لقد نزلت عليّ اللّيلة آية، ويل لمن قرأها ولم يتفكّر فيها إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) الآية (آل عمران/ ١٩٠)) * «١» .

٢-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال:

قالوا: يا رسول الله، هل نرى ربّنا يوم القيامة؟ قال:

«هل تضارّون في رؤية الشّمس في الظّهيرة، ليست في سحابة؟ قالوا: لا. قال: «فهل تضارّون في رؤية القمر ليلة البدر، ليس في سحابة؟» قالوا: لا. قال:

«فو الّذي نفسي بيده لا تضارّون في رؤية ربّكم إلّا كما تضارّون في رؤية أحدهما. قال فيلقى العبد فيقول: أي فل «٢» ألم أكرمك، وأسوّدك «٣» ، وأزوّجك، وأسخّر لك الخيل والإبل، وأذرك ترأس»

وتربع «٥» ؟ فيقول:

بلى. قال فيقول: أفظننت أنّك ملاقيّ؟ فيقول: لا.

فيقول: فإنّي أنساك كما نسيتني. ثمّ يلقى الثّاني فيقول: أي فل: ألم أكرمك، وأسوّدك، وأزوّجك، وأسخّر لك الخيل والإبل، وأذرك ترأس وتربع؟

فيقول: بلى. أي ربّ! فيقول: أفظننت أنّك ملاقيّ؟

فيقول: لا. فيقول: فإنّي أنساك كما نسيتني. ثمّ يلقى الثّالث فيقول له مثل ذلك. فيقول: يا ربّ آمنت بك وبكتابك وبرسلك وصلّيت وصمت وتصدّقت.


(١) الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان (٢/ ٦٢٠) ص ٣٨٧، وقال محققه: إسناده قوي على شرط مسلم. وانظر: تفسير ابن كثير (١/ ٤٣٧) . وهو عند البخاري- الفتح (٨/ ٤٨٣٧) بلفظ مختصر.
(٢) أي فل: معناه يا فلان: وهو ترخيم على خلاف القياس. وقيل: هي لغة بمعنى فلان. حكاها القاضي.
(٣) أسوّدك: أي أجعلك سيدا على غيرك.
(٤) ترأس: أي تكون رئيس القوم وكبيرهم.
(٥) تربع: أي تأخذ المرباع الذي كانت ملوك الجاهلية تأخذه من الغنيمة، وهو ربعها يقال: ربعتهم، أي أخذت ربع أموالهم. ومعناه ألم أجعلك رئيسا مطاعا. قال القاضي، بعد حكايته نحو ما ذكرته: عندي أن معناه تركتك مستريحا لا تحتاج إلى مشقة وتعب. من قولهم: أربع على نفسك، أي ارفق بها.