للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[حفظ الفرج]

[حفظ الفرج لغة:]

انظر في الحفظ لغة: حفظ الأيمان.

أمّا الفرج فهو في اللّغة مأخوذ من مادّة (ف ر ج) الّتي تدلّ على تفتّح في الشّيء، من ذلك الفرجة في الحائط وغيره ومعناها الشّقّ، والفرج ما بين رجلي الفرس، قال امرؤ القيس:

لها ذنب مثل ذيل العرو ... س تسدّ به فرجها من دبر

والفروج الثّغور الّتي بين مواضع المخافة، والفرج ما بين الرّجلين، وكنّي به عن السّوأة وكثر حتّى صار كالصّريح فيه، قال تعالى: الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها (التحريم/ ١٢) وحفظ الفرج عفّه عن الزّنا.

وفي الكلّيّات للكفويّ: كلّ آية ذكر فيها حفظ الفروج فهو من الزّنا إلّا قوله تعالى: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ (النور/ ٣٠) فإنّ المراد بها الاستتار. والمحافظة والحفاظ الذّبّ عن المحارم والمنع لها عند الحروب وصونها من العدوّ «١» .

[واصطلاحا:]

قال البغويّ- رحمه الله- في قوله تعالى:

وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ (المؤمنون/ ٥) :

الفرج اسم يجمع سوأة الرّجل والمرأة، وحفظ الفرج التّعفّف عن الحرام «٢» .

الآيات الأحاديث الآثار

١١ ٢٠ ٥

[أهمية حفظ الفرج للفرد والمجتمع:]

لقد امتدح المولى- عزّ وجلّ- الحافظين فروجهم والحافظات، وجعل ذلك من سمات الفلاح وعلامات الفوز في الدّار الآخرة، فقال تعالى قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ* الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ* وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ* وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكاةِ فاعِلُونَ* وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ (المؤمنون/ ١- ٥) ، وقد وعد الله هؤلاء المفلحين بقوله أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ* الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيها خالِدُونَ (المؤمنون/ ١٠- ١١) ، وإذا كان ذلك هو الجزاء في الآخرة، فما أثر ذلك في الحياة الدّنيا؟

إنّ حفظ الفروج وما يستلزمه من غضّ البصر والعفّة عن المحارم يؤدّي إلى تماسك بنيان المجتمع وسلامته من الأمراض الاجتماعيّة الفتّاكة كاختلاط الأنساب، والأمراض الصّحّيّة المهلكة كمرض الإيدز الّذي انتشر في المجتمعات الفاجرة الماجنة بصورة تؤدّي إلى الخراب والدّمار، أمّا على المستوى الفرديّ فإنّ حفظ الفرج يجنّب صاحبه ويلات الزّنا- وما أكثرها- وقد أشار إلى بعض ذلك الإمام ابن القيّم عند ما قال: الزّنا يجمع خلال الشّرّ كلّها من قلّة الدّين، وذهاب الورع، وفساد المروءة، وقلّة الغيرة «٣» ،


(١) مقاييس اللغة (٤/ ٤٩٨) ، والمفردات (٣٧٥) ، ولسان العرب: (٢/ ٣٤٢، ٧/ ٤٤٢) ، وانظر بصائر ذوي التمييز (٢/ ٤٨٠- ٤٨٢) .
(٢) معالم التنزيل (١٨/ ٣٠٣) .
(٣) انظر مضار الزنا وآثاره المدمرة في صفة «الزنا» في هذه الموسوعة.