للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

- وعن عبد الله بن عمرو- رضي الله عنهما-؛ أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، عام غزوة تبوك، قام من اللّيل يصلّي فاجتمع وراءه رجال من أصحابه يحرسونه حتّى إذا صلّى انصرف إليهم فقال لهم: «لقد أعطيت اللّيلة خمسا ما أعطيهنّ أحد قبلي ... » وفيه: «قيل لي سل فإنّ كلّ نبيّ قد سأل فأخّرت مسألتي إلى يوم القيامة فهي لكم ولمن شهد أن لا إله إلّا الله» «١» .

النوع الثالث: ما اختص به صلّى الله عليه وسلّم في أمته في الدنيا:

فضّل الله- عزّ وجلّ- هذه الأمّة على سائر الأمم واختصّها بكرامات كثيرة في الدّنيا ليست لغيرها وذلك إكراما وتشريفا لنبيّها صلّى الله عليه وسلّم سيّد الأوّلين والآخرين. وإنّما نالت هذه الأمّة ما نالته من تكريم وتشريف باتّباعها لرسولها محمّد صلّى الله عليه وسلّم والسّير على سنّته والعمل بشريعته.

ومن هذه الخصائص، أنّها خير الأمم، وأحلّت لها الغنائم، وجعلت لها الأرض مسجدا وطهورا، وصفوفها في الصّلاة كصفوف الملائكة. إلى غير ذلك ممّا سيأتي معنا بإذن الله.

خير الأمم: «٢»

شرّف- الله تعالى- هذه الأمّة ورفع ذكرها واصطفاها على غيرها فجعلها خير الأمم وأكرمها عليه، فقال عزّ من قائل: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ «٣» . وإنّما حازت هذه الأمّة قصب السّبق إلى الخيرات بنبيّها محمّد صلوات الله وسلامه عليه، فإنّه أشرف خلق الله، وأكرم الرّسل على الله، بعثه الله بشرع كامل عظيم لم يعطه نبيّ قبله ولا رسول من الرّسل، فالعمل على منهاجه وسبيله يقوم القليل منه ما لا يقوم العمل الكثير من أعمال غيرهم مقامه. وقد وردت الآيات والأحاديث والآثار تؤيّد هذا المعنى:

- قال الله تعالى: هُوَ اجْتَباكُمْ وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ «٤» .

- وقال تعالى: وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً «٥» .

- عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جدّه؛ أنّه سمع النّبي صلّى الله عليه وسلّم يقول في قوله: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ. قال: «إنّكم تتمّون سبعين أمّة أنتم خيرها وأكرمها على الله» «٦» .


(١) تقدم تخريجه.
(٢) انظر الخصائص للسيوطي (٢/ ٣٦١) .
(٣) سورة آل عمران: آية رقم (١١٠) .
(٤) سورة الحج: آية رقم (٧٨) .
(٥) سورة البقرة: آية رقم (١٤٣) .
(٦) رواه الترمذي برقم (٣٠٠١) وقال: حديث حسن. ورواه الإمام أحمد في مسنده (٥/ ص ٣) . وابن ماجه برقم (٤٢٨٨) ، والحاكم في المستدرك (٤/ ٨٤) وقال: حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي. قال الحافظ ابن كثير: وهو حديث مشهور. انظر تفسير ابن كثير (١/ ٣٩٩) .