للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٣١-* (عن ابن عبّاس- رضي الله عنهما- قال: وضع عمر على سريره فتكنّفه النّاس «١» يدعون ويصلّون قبل أن يرفع وأنا فيهم، فلم يرعني «٢» إلّا رجل آخذ منكبي فإذا عليّ بن أبي طالب فترحّم على عمر، وقال: ما خلّفت أحدا أحبّ إليّ أن ألقى الله بمثل عمله منك، وأيم الله، إن كنت لأظنّ أن يجعلك الله مع صاحبيك وحسبت أنّي كنت كثيرا أسمع النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يقول: «ذهبت أنا وأبو بكر وعمر، ودخلت أنا وأبو بكر وعمر، وخرجت أنا وأبو بكر وعمر» ) * «٣» .

المثل التطبيقي من حياة النبي صلّى الله عليه وسلّم في (حسن الظّنّ)

٣٢-* (عن جابر- رضي الله عنه- أنّه غزا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم غزوة قبل نجد، فلمّا قفل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قفل معه، فأدركتهم القائلة «٤» ، في واد كثير العضاه «٥» فنزل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وتفرّق النّاس يستظلّون بالشّجر، فنزل تحت شجرة وعلّق بها سيفه، ونمنا نومة، فإذا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يدعونا، وإذا عنده أعرابيّ فقال: «إنّ هذا اخترط عليّ سيفي «٦» وأنا نائم، فاستيقظت وهو في يده صلتا «٧» ، فقال: من يمنعك منّي؟ فقلت: «الله» (ثلاثا) ، ولم يعاقبه وجلس) * «٨» .

٣٣-* (عن البراء بن عازب- رضي الله عنهما- قال: جاء أبو بكر- رضي الله عنه- إلى أبي في منزله فاشترى منه رحلا، فقال لعازب: ابعث ابنك يحمله معي، قال فحملته معه، وخرج أبي ينتقد ثمنه، فقال له أبي: يا أبا بكر حدّثني كيف صنعتما حين سريت مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؟ قال: نعم، أسرينا ليلتنا ومن الغد حتّى قام قائم الظّهيرة، وخلا الطّريق لا يمرّ فيه أحد، فرفعت لنا صخرة طويلة لها ظلّ لم تأت عليه الشّمس فنزلنا عنده، وسوّيت للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم مكانا بيدي ينام عليه، وبسطت عليه فروة وقلت له: نم يا رسول الله وأنا أنفض لك ما حولك. فنام وخرجت أنفض ما حوله، فإذا أنا براع مقبل بغنمه إلى الصّخرة يريد منها مثل الّذي أردنا. فقلت: لمن أنت يا غلام؟

فقال: لرجل من أهل المدينة- أو مكّة- قلت: أفي غنمك لبن؟ قال: نعم. قلت: أفتحلب؟ قال: نعم.

فأخذ شاة، فقلت: انفض الضّرع من التّراب والشّعر والقذى. قال: فرأيت البراء يضرب إحدى يديه على الأخرى ينفض. فحلب في قعب كثبة «٩» من لبن، ومعي إداوة حملتها للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يرتوي منها يشرب


(١) فتكنفه الناس: أي أحاطوا به.
(٢) فلم يرعني: معناه لم يفجأني إلا ذلك.
(٣) البخاري- الفتح ٧ (٣٦٨٥) واللفظ له. ومسلم (٢٣٨٩) .
(٤) القائلة: شدة الحر.
(٥) العضاه: شجر عظيم له شوك.
(٦) اخترط علي سيفي: أي سله.
(٧) صلتا: أي مجردا من غمده.
(٨) البخاري- الفتح ٦ (٢٩١٠) واللفظ له. ومسلم (٨٤٣)
(٩) الكثبة من اللبن: القليل منه.