للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[النظر والتبصر]

الآيات/ الأحاديث/ الآثار

١٤٥/ ١٣/ ١٦

النّظر والتّبصّر لغة: النّظر لغة:

اسم لحسّ العين، ومصدر لقولهم: نظره، ونظر إليه نظرا ومنظرا ونظرانا ومنظرة وتنظارا بمعنى: تأمّله بعينه، ويقال: نظر لهم بمعنى رثى لهم وأعانهم، ونظر بينهم: حكم «١» ، وقال ابن منظور: النّظر: الفكر في الشّيء تقدّره وتقيسه منك، والنّظرة: اللّمحة بالعجلة، وقول بعضهم: من لم يعمل نظره لم يعمل لسانه، معناه: من لم يرتدع بالنّظر إلى نفسه من ذنب أذنبه لم يرتدع بالقول، أمّا قوله سبحانه: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ (القيامة/ ٢٢) فالمراد أنّها نضرت بنعيم الجنّة والنّظر إلى ربّها «٢» ، والنّظر يقع على الأجسام والمعاني، فما كان بالأبصار فهو للأجسام وما كان بالبصائر كان للمعاني «٣» ، أمّا قوله سبحانه وَتَراهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لا يُبْصِرُونَ (الأعراف/ ١٩٨) فالمراد بالنّظر- كما يقول القرطبيّ:

فتح العينين إلى المنظور إليه، أي وتراهم (أي الأصنام) كالنّاظر إليك وقيل كانت لهم أعين من جواهر مصنوعة فلذلك قال: وتراهم ينظرون، وقيل المراد بذلك المشركون، أخبر عنهم بأنّهم لا يبصرون حين لم ينتفعوا بأبصارهم «٤» ، وقال صاحب البصائر:

واستعمال النّظر في البصر أكثر استعمالا عند العامّة، وفي البصيرة عند الخاصّة، ويقال: نظرت إلى كذا إذا مددت طرفك إليه رأيته أم لم تره، ونظرت إليه: إذا رأيته وتدبّرته ومن ذلك قوله تعالى: أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ (الغاشية/ ١٧) ، أمّا قولهم:

نظرت في كذا. فالمعنى تأمّلته وذلك كما في قوله تعالى:

أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ..

(الأعراف/ ١٨٥) إذ يراد منه الحثّ على تأمّل حكمته في خلقها، والنّظر أيضا: الانتظار، ومنه قوله تعالى: انْظُرُونا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ (الحديد/ ١٣) ، ويستعمل النّظر أيضا في التّحيّر في الأمر نحو قوله تعالى: فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (البقرة/ ٥٥) ، والنّظر: البحث، وهو أعمّ من القياس، لأنّ كلّ


(١) القاموس المحيط ٦٦٣ (ط. بيروت) ، وقد حكى الفيروزابادي فتح العين وكسرها في الماضي، فقال: نظره كنصره وسمعه، لكن الفتح هو الأكثر استعمالا.
(٢) نقل ابن منظور في هذا الموضع عن الأزهري قوله: ولا وجه لمن قال في معنى الآية الكريمة أن النظر هنا معناه الانتظار لأن الفعل «نظر» إذا تعدى بإلى فإنه لا يكون (النظر) إلا بالعين. انظر اللسان ٥/ ٢١٦، ٢١٧
(٣) لسان العرب ٥/ ٢١٨
(٤) تفسير القرطبي ٧/ ٣٤٤، وقد ذهب أبو عبيد إلى المعنى الأول ولكنه ذكر أن المراد المقابلة لأن النظر لا يكون إلا بها، انظر اللسان ٥/ ٢١٨