للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كان يوم أحد انهزم النّاس عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وأبو طلحة بين يدي النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم مجوّب «١» به عليه بحجفة «٢» له، وكان أبو طلحة رجلا راميا شديد القدّ «٣» يكسر يومئذ قوسين أو ثلاثا، وكان الرّجل يمرّ معه الجعبة من النّبل، فيقول: انثرها لأبي طلحة، فأشرف النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم ينظر إلى القوم، فيقول أبو طلحة: يا نبي الله، بأبي أنت وأمّي، لا تشرف يصبك سهم من سهام القوم، نحري دون نحرك. ولقد رأيت عائشة بنت أبي بكر وأمّ سليم وإنّهما لمشمّرتان أرى خدم سوقهما تنقزان «٤» القرب على متونهما، تفرغانه في أفواه القوم، ثمّ ترجعان فتملآنها، ثمّ تجيئان فتفرغانه في أفواه القوم. ولقد وقع السّيف من يد أبي طلحة إمّا مرّتين وإمّا ثلاثا) * «٥» .

() المثل التطبيقي من حياة النبي صلّى الله عليه وسلّم في (الشهامة)

٧-* (سأل رجل البراء- رضي الله عنه- فقال: يا أبا عمارة! أولّيتم يوم حنين؟ قال البراء وأنا أسمع: أمّا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لم يولّ يومئذ، كان أبو سفيان بن الحارث آخذا بعنان بغلته، فلمّا غشيه المشركون نزل فجعل يقول: أنا النّبيّ لا كذب، أنا ابن عبد المطّلب. قال: فما رئي من النّاس يومئذ أشدّ منه) * «٦» .

٨-* (عن أنس- رضي الله عنه- قال: «كان النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أحسن النّاس وأجود النّاس وأشجع النّاس.

ولقد فزع أهل المدينة، ذات ليلة فانطلق النّاس قبل الصّوت فاستقبلهم النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قد سبق النّاس إلى الصّوت وهو يقول: «لم تراعوا، لم تراعوا» «٧» وهو على فرس

لأبي طلحة عري ما عليه سرج، في عنقه سيف، فقال: لقد وجدته بحرا «٨» ، أو إنّه لبحر» ) * «٩» .

() من الآثار الواردة في (الشهامة)

١-* (عن حذيفة العدويّ، قال: انطلقت يوم اليرموك أطلب ابن عمّ لي، ومعي شيء من ماء وأنا أقول: إن كان به رمق سقيته، ومسحت به وجهه، فإذا أنا به فقلت: أسقيك؟ فأشار إليّ أن نعم، فإذا رجل


(١) مجوّب: أي مترس عليه يقيه بها، ويقال للتّرس جوبة.
(٢) بحجفة: الحجفة بفتحتين الترّس.
(٣) القد: سير من جلد غير مدبوغ.
(٤) تنقزان: النقز الوثب.
(٥) البخاري- الفتح ٧ (٣٨١١) .
(٦) البخاري- الفتح ٦ (٣٠٤٢) واللفظ له. ومسلم (١٧٧٦) .
(٧) لم تراعوا: أي روعا مستقرّا، أو روعا يضركم.
(٨) بحر: أي فرس واسع الجري.
(٩) البخاري- الفتح ١٠ (٦٠٣٣) واللفظ له. ومسلم (٢٣٠٧) .