للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الرّجل مناجاة ونجاء: سارّه. وانتجى القوم وتناجوا:

تسارّوا.

والنّجوى والنّجيّ المتناجون: أي المتسارّون.

وفلان نجيّ فلان أي يناجيه دون من سواه. وفي التّنزيل العزيز: فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا (يوسف/ ٨٠) : أي اعتزلوه متناجين، والجمع أنجية.

وفي الحديث: «لا يتناجى اثنان دون الثّالث» وفي رواية «لا ينتجي اثنان دون صاحبهما» : أي لا يتسارران منفردين عنه لأنّ ذلك يسوءه «١» .

[النجوى اصطلاحا:]

قال القرطبيّ: النّجوى: السّرّ بين الاثنين وتكون أيضا بمعنى المسارّة «٢» (بين اثنين أو أكثر) .

وقيل: النّجوى: ما يكون من خلوة اثنين أو أكثر يسرّون شيئا ويتناجون به، والسّرار ما كان بين اثنين «٣» .

وقال الإمام البغويّ- رحمه الله- النّجوى:

هي الإسرار في التّدبير. وقيل: النّجوى ما يتفرّد بتدبيره قوم سرّا كان أو جهرا «٤» .

حكم التّناجي:

يختلف حكم النّجوى باختلاف الأمر المتناجى فيه، فإن كان أمرا بمعروف أو نهيا عن منكر، فهذا لا شيء فيه، وقد استثنى المولى- عزّ وجلّ- من فعل ذلك من انعدام الخيريّة الغالبة على النّجوى فقال:

لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ (النساء/ ١١٤) .

وفيما عدا ذلك فالتّسارّ خصوصا في وجود الآخرين أمر مذموم يسوّل به الشّيطان ليقع سوء الظّنّ بين النّاس، مصداق ذلك قوله تعالى أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوى ثُمَّ يَعُودُونَ لِما نُهُوا عَنْهُ وَيَتَناجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ وَإِذا جاؤُكَ حَيَّوْكَ بِما لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْلا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِما نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَها فَبِئْسَ الْمَصِيرُ (المجادلة/ ٨) . وقد نزلت هذه الآيات في اليهود والمنافقين «٥» ، وقد اشتملت آية أخرى على المحمود والمذموم من التّناجي فقال- عزّ وجلّ- ناهيا عن التّناجي المذموم وآمرا بالتّناجي المحمود يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا تَناجَيْتُمْ فَلا تَتَناجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ وَتَناجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوى وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (المجادلة/ ٩) وعلى النّوع الأوّل يحمل قوله تعالى: إِنَّمَا النَّجْوى مِنَ الشَّيْطانِ (المجادلة/ ١٠) أي من تزيينه وغوايته ولا يكون ذلك منه إلّا فيما يؤذي المؤمنين «٦» .

[للاستزادة: انظر صفات: الشك- سوء الظن سوء المعاملة.

وفي ضد ذلك: انظر صفات: حسن الظن- حسن المعاملة- حسن العشرة- الفطنة- الحكمة- إقامة الشهادة] .


(١) لسان العرب (١٥/ ٣٠٨) .
(٢) تفسير القرطبي (٥/ ١١٤) .
(٣) المرجع السابق (١٧/ ٨٨) .
(٤) تفسير البغوي (١/ ٤٧٩) .
(٥) انظر في سبب نزول هذه الآيات تفسير القرطبي (١٧/ ١٨٧) .
(٦) كتبت هذه الفقرة اعتمادا على مجمل ما ورد في النجوى من الآيات الكريمة.