للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تائبين، وإنّي قد رأيت أن أردّ إليهم سبيهم، فمن أحبّ منكم أن يطيّب ذلك فليفعل «١» . ومن أحبّ منكم أن يكون على حظّه حتّى نعطيه إيّاه من أوّل ما يفأ الله علينا فليفعل. فقال النّاس قد طيّبنا ذلك يا رسول الله. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إنّا لا ندري من أذن منكم في ذلك ممّن لم يأذن» فارجعوا حتّى يرفع إلينا عرفاؤكم «٢» أمركم، فرجع النّاس فكلّمهم عرفاؤهم، ثمّ رجعوا إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فأخبروه أنّهم قد طيّبوا وأذنوا) * «٣» .

[من الآثار وأقوال العلماء الواردة في (التأني)]

١-* (بلغ عمر بن الخطّاب- رضي الله عنه- أنّ جماعة من رعيّته اشتكوا من عمّاله فأمرهم أن يوافوه، فلمّا أتوه قام فحمد الله وأثنى عليه ثمّ قال:

أيّها النّاس أيّتها الرّعيّة إنّ لنا عليكم حقّا: النّصيحة بالغيب والمعاونة على الخير، أيّتها الرّعاة إنّ للرّعيّة عليكم حقّا فاعلموا أنّه لا شيء أحبّ إلى الله ولا أعزّ من حلم إمام ورفقه، وليس جهل أبغض إلى الله ولا أغمّ من جهل إمام وخرقه «٤» ) * «٥» .

٢-* (قال ابن عبّاس- رضي الله عنهما- لرجل: حدّث النّاس كلّ جمعة مرّة، فإن أبيت فمرّتين، فإن أكثرت فثلاث مرّات ولا تملّ النّاس هذا القرآن، ولا ألفينّك «٦» تأتي القوم وهم في حديث من حديثهم فتقصّ عليهم فتقطع عليهم حديثهم فتملّهم، ولكن أنصت فإذا أمروك فحدّثهم وهم يشتهونه. فانظر السّجع من الدّعاء فاجتنبه، فإنّي عهدت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه لا يفعلون إلّا ذلك الاجتناب) * «٧» .

٣-* (قال أبو حاتم- رحمه الله تعالى-: «إنّ العاجل لا يكاد يلحق، كما أنّ الرّافق لا يكاد يسبق، والسّاكت لا يكاد يندم، ومن نطق لا يكاد يسلم، وإنّ العجل يقول قبل أن يعلم، ويجيب قبل أن يفهم ويحمد قبل أن يجرّب ... » ) * «٨» .

٤-* (قال النّوويّ- رحمه الله تعالى-:

«التّأنّي في الحركات واجتناب العبث هو السّكينة المحمودة. أمّا غضّ البصر وخفض الصّوت وعدم الالتفات فهو الوقار» ) * «٩» .


(١) يطيّب ذلك أي يعطيه عن طيب نفس منه من غير عوض (ابن حجر- فتح الباري (٧/ ٦٢٩) .
(٢) العرفاء: جمع عريف والعريف هو القيم بأمور القبيلة أو الجماعة من الناس يتولى أمورهم ويتعرف أحوالهم.
(٣) البخاري- الفتح ٧ (٤٣١٨) .
(٤) الخرق ضدّ الرّفق والوصف منه أخرق.
(٥) الإحياء (٣/ ١٨٦) .
(٦) لا ألفينّك معناها لا أجدنّك، وهذا النهي بحسب الظاهر للمتكلم وهو في الحقيقة للمخاطب وهو كقولك لا أرينّك ههنا.
(٧) البخاري- الفتح ١١ (٦٣٣٧) .
(٨) روضة العقلاء (٢١٦) .
(٩) صفوة الأخبار (٩٢) .