للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أراجعك؟ فو الله إنّ أزواج النّبيّ صلى الله عليه وسلّم ليراجعنه، وتهجره إحداهنّ اليوم إلى اللّيل. فقلت: قد خاب من فعل ذلك منهنّ وخسر. أفتأمن إحداهنّ أن يغضب الله عليها لغضب رسوله صلى الله عليه وسلّم. فإذا هي قد هلكت؟

فتبسّم رسول الله صلى الله عليه وسلّم. قلت: يا رسول الله، قد دخلت على حفصة فقلت: لا يغرّنّك أن كانت جارتك هي أوسم منك وأحبّ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم منك. فتبسّم أخرى، فقلت: أستأنس يا رسول الله؟ قال: «نعم» فجلست، فرفعت رأسي في البيت فو الله ما رأيت فيه شيئا يردّ البصر إلّا أهبا ثلاثة. فقلت: ادع الله يا رسول الله أن يوسّع على أمّتك؛ فقد وسّع على فارس والرّوم- وهم لا يعبدون الله- فاستوى جالسا، ثمّ قال: «أفي شكّ أنت يابن الخطّاب؟ أولئك قوم عجّلت لهم طيّباتهم في الحياة الدّنيا» . فقلت: استغفر لي يا رسول الله، وكان أقسم أن لا يدخل عليهنّ شهرا من شدّة موجدته عليهنّ. حتّى عاتبه الله عزّ وجلّ» ) * «١» .

١٢-* (عن أبي خراش السّلميّ- رضي الله عنه- أنّه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول: «من هجر أخاه سنة، فهو كسفك دمه» ) * «٢» .

١٣-* (عن أبي سعيد الخدريّ- رضي الله عنه- قال: هاجر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم رجل من اليمن فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «هجرت الشّرك ولكنّه الجهاد.

هل باليمن أبواك» ؟ قال: نعم. قال: «أذنا لك؟

«قال: لا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «ارجع إلى أبويك فإن فعلا وإلّا فبرّهما» ) * «٣» .

١٤-* (عن معاوية القشيريّ- رضي الله عنه- قال: قلت: يا رسول الله، ما حقّ زوجة أحدنا عليه؟ قال: «أن تطعمها إذا طعمت، وتكسوها إذا اكتسيت» أو «اكتسبت» «ولا تضرب الوجه، ولا تقبّح، ولا تهجر إلّا في البيت» ) * «٤» .

الأحاديث الواردة في ذمّ (الهجر) معنى

١٥-* (عن أبي واقد اللّيثيّ- رضي الله عنه- أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم بينما هو جالس في المسجد والنّاس معه- إذ أقبل نفر ثلاثة فأقبل اثنان إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وذهب واحد. قال: فوقفا على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فأمّا أحدهما فرأى فرجة «٥» في الحلقة «٦» فجلس فيها.

وأمّا الآخر فجلس خلفهم، وأمّا الثّالث فأدبر ذاهبا.


(١) البخاري- الفتح ٩ (٥١٩١) . ومسلم (١٤٧٩) واللفظ له.
(٢) أبو داود (٤٩١٥) ، وقال الألباني (٣/ ٩٢٨) : صحيح- الصحيحة (٣/ ٩٢٥) .
(٣) رواه الهيثمي في المجمع (١/ ١٣٨) وقال: رواه أحمد وإسناده حسن.
(٤) أبو داود (٢١٤٢) وقال الألباني (٢/ ٤٠٢) : حسن صحيح. وقال أبو داود «ولا تقبح» أن تقول: قبحك الله. والترغيب (٣/ ٥١) واللفظ لهما. وقال المنذري: رواه أبو داود وابن حبان في صحيحه.
(٥) فرجة: الفرجة بضم الفاء، وفتحها، لغتان. وهي الخلل بين الشيئين. ويقال لها أيضا: فرج. ومنه قوله تعالى وَما لَها مِنْ فُرُوجٍ (ق/ ٦) جمع فرج. وأما الفرجة بمعنى الراحة من الغم، فذكر الأزهري فيها بفتح الفاء وضمها وكسرها. وقد فرج له، في الحلقة والصف ونحوهما، بتخفيف الراء، يفرج، بضمها.
(٦) الحلقة: باسكان اللام، على المشهور.