للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذكرهم الله فيمن عنده، ومن بطّأ به عمله لم يسرع به نسبه» ) * «١» .

١٦-* (عن أبي موسى الأشعريّ- رضي الله عنه-: أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشدّ بعضه بعضا» وشبّك بين أصابعه) * «٢» .

١٧-* (عن أنس- رضي الله عنه- قال:

خرج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى الخندق، فإذا المهاجرون والأنصار يحفرون في غداة باردة، فلم يكن لهم عبيد يعملون ذلك لهم، فلمّا رأى ما بهم من النّصب والتّعب والجوع، قال:

«اللهمّ إنّ العيش عيش الآخره ... فاغفر للأنصار والمهاجره» .

فقالوا مجيبين له:

نحن الّذين بايعوا محمّدا ... على الجهاد ما بقينا أبدا)

* «٣» .

المثل التطبيقي من حياة النبي صلّى الله عليه وسلّم في (التناصر)

١٨-* (عن عبد الرّحمن بن عوف- رضي الله عنه- عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «شهدت حلف المطيّبين «٤» مع عمومتي وأنا غلام، فما أحبّ أنّ لي حمر النّعم وأنّي أنكثه» . قال الزّهريّ: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «لم يصب الإسلام حلفا إلّا زاده شدّة، ولا حلف في الإسلام» ، وقد ألّف رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بين قريش والأنصار) * «٥» .


(١) مسلم (٢٦٩٩) .
(٢) البخاري- الفتح ٥ (٢٤٤٦) واللفظ له، مسلم (٢٥٨٥) .
(٣) البخاري- الفتح ٧ (٤٠٩٩) واللفظ له، مسلم (١٨٠٥) .
(٤) قال ابن حجر: حلف المطيبين كان قبل المبعث بمدة، ذكره ابن إسحاق وغيره، وكان جمع من قريش اجتمعوا فتعاقدوا على أن ينصروا المظلوم وينصفوا بين الناس، ونحو ذلك من خلال الخير، واستمر ذلك بعد المبعث، ويستفاد من حديث عبد الرحمن بن عوف أنهم استمروا على ذلك في الإسلام، وإلى ذلك الإشارة في حديث جبير بن مطعم. وتضمن جواب أنس إنكار صدر الحديث لأن فيه الحلف وفيما قاله هو إثباته، ويمكن الجمع بأن المنفي ما كانوا يعتبرونه في الجاهلية من نصر الحليف ولو كان ظالما، ومن أخذ الثأر من القبيلة بسبب قتل واحد منها ومن التوارث ونحو ذلك. والمثبت ما عدا ذلك من نصر المظلوم والقيام في أمر الدين ونحو ذلك من المستحبات الشرعية كالمصادقة والمواددة وحفظ العهد، وقد تقدم حديث ابن عباس في نسخ التوارث بين المتعاقدين، وذكر الداودي أنهم كانوا يورثون الحليف السدس دائما فنسخ ذلك. وقال ابن عيينة: حمل العلماء قول أنس «حالف» على المؤاخاة. قلت: لكن سياق حديث عاصم عنه يقتضي أنه أراد المحالفة حقيقة، وإلا لما كان الجواب مطابقا، وترجمة البخاري ظاهرة في المغايرة بينهما وتقدم في الهجرة إلى المدينة «باب كيف آخى النبي صلّى الله عليه وسلّم بين أصحابه» وذكر الحديثين المذكورين هنا أولا، ولم يذكر حديث الحلف، وتقدم ما يتعلق بالمؤاخاة المذكورة هناك. قال النووي: المنفي حلف التوارث وما يمنع منه الشرع، وأما التحالف على طاعة الله ونصر المظلوم والمؤاخاة في الله تعالى فهو أمر مرغوب فيه. فتح الباري (١٠/ ٥١٨) .
(٥) أحمد (١/ ١٩٠) وقال الشيخ أحمد شاكر (٣/ ١٢٢) إسناده صحيح، وهو في مجمع الزوائد (٨/ ١٧٢) وقال: رجاله رجال الصحيح.