للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[الصدق]

[الصدق لغة:]

مصدر قولهم صدق يصدق صدقا «١» وهو مأخوذ من مادّة (ص د ق) الّتي تدلّ على قوّة في الشّيء قولا أو غير قول، من ذلك الصّدق خلاف الكذب لقوّته في نفسه ولأنّ الكذب لا قوّة له، وهو باطل، وأصل هذا من قولهم. شيء صدق، أي صلب «٢» ، ورمح صدق، ويقال صدقوهم القتال، وفي خلاف ذلك كذبوهم، وقال الرّاغب: الصّدق والكذب أصلهما في القول ماضيا كان أو مستقبلا وعدا كان أو غيره، ولا يكونان في القول إلّا في الخبر دون غيره من أصناف الكلام ولذلك قال تعالى وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثاً (النساء/ ٨٧) وقال ابن منظور: الصّدق: نقيض الكذب، يقال: صدقه الحديث: أنبأه بالصّدق، وصدقت القوم: قلت لهم صدقا، ورجل صدوق أبلغ من الصّادق، والصّدّيق الدّائم التّصديق، ويكون أيضا الّذي يصدّق قوله

الآيات/ الأحاديث/ الآثار

٩٢/ ٤٤/ ١٧

بالعمل، والصّدّيق المبالغ في الصّدق «٣» .

والصّدّيقون في قوله تعالى فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً (النساء/ ٦٩) جمع صدّيق، وهو المبالغ في الصّدق أو التّصديق أو هو الّذي يحقّق بفعله ما يقوله بلسانه، وقيل: هم فضلاء أتباع الأنبياء الّذين يسبقون إلى تصديقهم كأبي بكر- رضي الله عنه- «٤» . أمّا الصّادقون الّذين أمرنا المولى بأن نكون معهم في قوله سبحانه: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ (التوبة/ ١١٩) فهم الّذين خرجوا مع النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم لا مع المنافقين، والمعنى: كونوا على مذهب الصّادقين وسبيلهم، وقيل: هم الأنبياء، وقيل: هم الموفون بما عاهدوا، وقيل: هم المهاجرون، وقيل: هم الّذين استوت ظواهرهم مع بواطنهم «٥» ، والّذي جاء بالصّدق وصدّق به في قوله تعالى: وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (الزمر/ ٣٣)


(١) في اللسان أنه يقال أيضا صدقا بفتح الصاد وتصداقا وما ذكرناه أشهر- لسان العرب «ص د ق» (١٠/ ١٩٣) .
(٢) لم يرتض ابن درستويه هذا الاشتقاق فقال: ليس الصدق من الصلابة في شيء ولكن أهل اللغة أخذوه (أي هذا المعنى) من قول النابغة:
في حالك اللون صدق غير ذي أود
قال: وإنما الصّدق: الجامع للأوصاف المحمودة ... قال الخليل: الصدق الكامل من كل شيء. انظر اللسان (١٠/ ١٩٦) ط. بيروت.
(٣) المقاييس (٣/ ٣٣٩) ، والمفردات للراغب (٢٧٧) ، ولسان العرب لابن منظور ١٠/ ١٩٢
(٤) باختصار وتصرف يسير عن القرطبي (٥/ ٢٧٢) .
(٥) المرجع السابق (٨/ ٢٨٨) بتصرف واختصار.