للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تمهيد]

[مصادر دراسة السيرة النبوية:]

القرآن الكريم هو المصدر الأول والأساسي من مصادر دراسة السيرة النبوية المطهرة، ذلك أنه يشتمل على بيان واضح للعقيدة والشريعة والأخلاق ويتضمن وصفا للعديد من الغزوات والأحداث الجليلة التي واجهت الرسول صلّى الله عليه وسلّم، كما أنه يتضمن تصويرا للصراع الفكري والمادي بين الرسول عليه السلام وخصومه، وبين الإسلام ومعانديه. ولا شك في أن القرآن الكريم من المصادر التي لها خصوصية الصدق والدّقة والثبوت المطلق من ناحيتي العقيدة والتاريخ عند المسلمين، كما لا يشك أحد فيه من الناحية التاريخية، وإن حصل بعض الاختلاف بين عموم المسلمين من جهة وبين غيرهم من الجهة الأخرى حول مصدره.

ويرد في الكتاب العزيز ذكر لبعض الأحداث التاريخية المهمة في عصر النبوة مثل معركة بدر، التي نجد تفصيلات عنها في سورة الأنفال، ومعركة أحد التي وردت في سورة آل عمران تفصيلات عنها، ومعركة الخندق في سورة الأحزاب، وحنين في سورة التوبة، ونجد آيات عن هذه الغزوات في سور أخرى. كما أن هناك آيات نزلت في مناسبات أخرى من عصر السيرة، كما نجد في بعض الآيات تصويرا دقيقا للصراع الفكري والمادي بين المسلمين واليهود في الحجاز كما يتضح ذلك في سور البقرة والحشر والأحزاب.

وإضافة إلى ذلك فإن القرآن الكريم يتناول في بعض آياته مناقشات مع عرب الجاهلية تتضمن استعراض مجالات حياتهم العقدية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية، كما يلمّح القرآن الكريم إلى الحضارات القديمة في الجزيرة وما جاورها، مما يعين على فهم أحوال المجتمعات الإنسانية قبل ظهور الإسلام، وعند ظهوره. غير أنه من غير الممكن تحقيق الاستفادة الكاملة من جميع ذلك إلّا بالرجوع إلى كتب التفسير وبشكل خاص التفسير بالمأثور مثل تفسير الطبري وابن كثير وابن الجوزي والحافظ السيوطي في تلخيصه الموسوم «بالدر المنثور في التفسير بالمأثور» ، كما ينبغي الإنتباه إلى ما صنّف في ناسخ القرآن ومنسوخه، وكتب أسباب النزول وغيرها مما له صلة وثيقة بالقرآن وعلومه «١» .

والمصدر الثاني للسيرة المطهرة، كتب الحديث وهي متنوعة، منها الكتب المرتبة على المسانيد، ومنها الكتب المرتبة على الموضوعات الفقهية، وهذه الكتب تقدم مادة واسعة، فهي تعنى بالدرجة الأولى بجمع أقوال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأفعاله، وتقريراته، وفضائله، وسيرته، ومغازيه، وسراياه، وبعوثه، وتحتوي على تفاصيل أخرى كثيرة متصلة بالحياة الاجتماعية والاقتصادية والتربوية، وهي توضح جذور النظم الإسلامية وكيفية تطبيق التشريعات الأولى.

وتمتاز المصادر الحديثية بأنها أوثق رواة وأدق متونا من كتب السيرة المتخصصة، وينطبق هذا الوصف بشكل دقيق


(١) أكرم العمري- السيرة النبوية الصحيحة ١/ ٤٧- ٩، مهدي رزق الله أحمد- السيرة النبوية في ضوء المصادر الأصلية ص/ ١٥- ١٦، فاروق حماده- مصادر السيرة النبوية وتقويمها ص/ ٣٤- ٣٥.