للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ضالّا. والإضلال في كلام العرب ضدّ الهداية والإرشاد. يقال: أضللت فلانا إذا وجّهته للضّلال عن الطّريق، وإيّاه أراد لبيد:

من هداه سبل الخير اهتدى ... ناعم البال، ومن شاء أضل

قال لبيد هذا في جاهليّته فوافق قوله التّنزيل العزيز: يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ (النحل/ ٩٣) .

وضلّ سعيه: عمل عملا لم يعد عليه نفعه، ضلّله تضليلا وتضلالا: صيّره إلى الضّلال ونسبه إليه، وتضالّ تضالّا، ادّعى الضّلال، وضلول: كضالّ «١» .

[الضلال اصطلاحا:]

قال الرّاغب: الضّلال: هو العدول عن الطّريق المستقيم «٢» .

وقال الجرجانيّ والمناويّ: الضّلال فقد ما يوصّل إلى المطلوب، وقيل سلوك طريق لا يوصّل إلى المطلوب «٣» .

وقال الفيروزاباديّ: الضّلال: هو عدول عن المنهج (منهج الله) ، عمدا كان أو سهوا قليلا كان أو كثيرا «٤» .

[الفرق بين الضلال والغي:]

قال الكفويّ: الضّلال يكون في مقابلة الهدى والغيّ في مقابلة الرّشد. والضّلال: ألّا يجد السّالك إلى مقصده طريقا أصلا، والغواية: ألّا يكون له إلى المقصد طريق مستقيم «٥» .

[أنواع الإضلال:]

الإضلال ضربان: أحدهما أن يكون سببه الضّلال كقولك: أضللت البعير؛ أي ضلّ عنّي. وإمّا أن يحكم بضلاله.

والضّرب الثّاني: أن يكون الإضلال سببا للضّلال. وهو أن يزيّن للإنسان الباطل ليضلّ، كقوله تعالى: لَهَمَّتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ وَما يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ

(النساء/ ١١٣) أي يتحرّون أفعالا يقصدون بها أن تضلّ، فلا يحصل من فعلهم ذلك إلّا ما فيه ضلال أنفسهم.

وإضلال الله تعالى للإنسان على وجهين:

أحدهما: أن يكون سببه الضّلال وهو أن يضلّ الإنسان فيحكم الله عليه بذلك في الدّنيا، ويعدل به عن طريق الجنّة إلى النّار في الآخرة، وذلك الإضلال هو حقّ وعدل، فإنّ الحكم على الضّالّ بضلاله، والعدول به عن طريق الجنّة إلى النّار حقّ وعدل.

والثّاني من إضلال الله: هو أنّ الله تعالى وضع جبلّة الإنسان على هيئة، إذا راعى طريقا محمودا كان أو مذموما ألفه واستطابه، وتعسّر عليه صرفه وانصرافه


(١) مقاييس اللغة (٣/ ٣٥٦) ، المفردات (٢٩٩) ، والصحاح (٥/ ١٧٤٨) .
(٢) لسان العرب (١١/ ٣٩٠- ٣٩٦)
(٣) المفردات (٢٩٧) .
(٤) التعريفات (١٣٨) ، والتوقيف (٢٢٣) .
(٥) بصائر ذوي التمييز (٣/ ٤٨١) وما بين القوسين في التعريف من إضافتنا.