التّناصر مصدر قولهم: تناصر القوم إذا نصر بعضهم بعضا وهو مأخوذ من مادّة (ن ص ر) الّتي تدلّ على إتيان خير أو إيتائه فمن المعنى الأوّل قولهم:
نصرت بلد كذا إذا أتيته، قال الرّاعي:
إذا دخل الشّهر الحرام فودّعي ... بلاد تميم وانصري أرض عامر
ولذلك يسمّى المطر نصرا، يقال نصرت الأرض فهي منصورة (أي مطرت) .
والنّصر بمعنى العطاء من هذا، ومثاله قول رؤبة:
إنّي وأسطار سطرن سطرا ... لقائل يا نصر نصرا نصرا
ومن المعنى الثّاني قولهم: نصر الله المسلمين أي آتاهم الظّفر على عدوّهم. والنّصير: النّاصر وجمعه أنصار مثل شريف وأشراف وجمع النّاصر نصر مثل صاحب وصحب، قال الشّاعر:
والله سمّى نصرك الأنصارا
ويقال: استنصره على عدوّه، سأله أن ينصره عليه، وتناصروا نصر بعضهم بعضا، وانتصر منه واستنصر بمعنى، وقيل: انتصر منه انتقم، وقال الرّاغب: النّصر والنّصرة العون، كما في قوله تعالى:
نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ (الصف/ ١٣) وقوله عزّ وجلّ: وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ (الأنبياء/ ٦٨) ، ونصرة الله للعبد ظاهرة (أي إعانته له) أمّا نصرة العبد لله فهي نصرته لعباده، والقيام بحفظ حدوده، ورعاية عهوده، واعتناق أحكامه، واجتناب نهيه، وذلك كما في قوله تعالى: وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ (الحديد/ ٢٥) وقوله عزّ وجلّ: إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ (محمد/ ٧) والانتصار والاستنصار: طلب النّصرة كما في قوله عزّ من قائل: وَالَّذِينَ إِذا أَصابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ (الشورى/ ٣٩) وقوله سبحانه: وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ (الأنفال/ ٧٢) .
يقول ابن منظور: النّصر إعانة المظلوم، يقال:
نصره على عدوّه ينصره نصرا، وفي الحديث «انصر أخاك ظالما، أو مظلوما» ، وتفسيره أن يمنعه من الظّلم إن وجده ظالما، وإن كان مظلوما أعانه على ظالمه، والاسم النّصرة (وهي ما يقدّم للعون) .
والأنصار: أنصار النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم غلبت عليهم الصّفة، فجرى مجرى الأسماء وصار كأنّه اسم الحيّ ولذلك أضيف إليه بلفظ الجمع فقيل: أنصاريّ،