للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سيّئات تزيد عليها، وهو المشار إليه بخفّة الميزان «١» .

[أسباب حبوط العمل:]

إنّ من يتأمّل آي الذّكر الحكيم والأحاديث الشّريفة الواردة في «الإحباط أو الحبط» يتّضح له أنّ هناك أسبابا عديدة تؤدّي لبطلان الأعمال وفقد ثوابها ممّا ينتج عنه خيبة أصحابها وخسرانهم في الدّنيا والآخرة.

[متى يحدث الإحباط؟]

يحدث الإحباط (بمفهومه الحديث) عندما يكون الشّخص مهيّئا لتحقيق هدف ما ومستعدّا لعمل ما يوصّله إليه، ثمّ يجد عائقا يمنعه من أداء ذلك العمل أو يعوقه عن تحقيق هدفه، مثال ذلك أن يشعر الإنسان بحاجة قويّة لفعل شيء ويستعدّ لتحقيق ذلك الشّيء، ثمّ يمنع منه ظلما، فإنّه يشعر بالتّوتّر والضّيق، فإذا لم يستطع إزالة ذلك الحائل بالأساليب المباشرة واستمرّت رغبته قويّة في الهدف فإنّ ذلك يؤدّي إلى التوتّر والضّيق والشّعور بالألم والحسرة ونحو ذلك من المشاعر المؤلمة النّاجمة عن هذا الإخفاق وذلك الإحباط «٢» .

ويختلف النّاس في الشّعور بالإحباط وفي القدرة على تحمّله بحسب ما يدعى «عتبة الإحباط» الّتي توجد بدرجات متفاوتة، إذ توجد عند البعض بدرجة منخفضة وعند بعضهم بدرجة متوسّطة أو عالية، فالشّخص ذو عتبة الإحباط المنخفضة يشعر بسرعة، ويدركه في مواقف كثيرة، قد لا تسبّب الإحباط لكثير من النّاس، أمّا الشّخص ذو عتبة الإحباط المتوسّطة أو العالية، فلا يشعر بالإحباط إلّا في المواقف الّتي فيها عوائق شديدة، وفي استطاعة هذا الشّخص- بقوّة إرادته- أن يتحمّل مشاعر الإحباط وأن يتخطّاها «٣» .

[معالجة الشعور بالإحباط:]

لمعالجة الإحباط بعد وقوعه والوقاية منه قبل حدوثه عوامل عديدة تمكّن المجتمع الإسلاميّ من التّخلّص من آثاره الضّارّة، وأهمّ هذه العوامل:

١- تنمية الشّعور بالرّضا حتّى يقبل كلّ شخص ما قدّره الله له من الرّزق والصّحّة والمنصب، وعلى كلّ منّا أن يضع هدفا مناسبا لقدراته وإمكاناته وظروفه ثمّ المثابرة وبذل الجهد لتحقيق ذلك الهدف.

٢- على الإنسان أن يتعوّد على الأخذ بالأسباب، والصّبر على البلاء، وعدم اليأس أو القنوط إذا حدثت عوائق تحول بينه وبين النّجاح المأمول وعليه معاودة السّعي مرّة ومرّات حتّى يحقّق الله عزّ وجلّ مسعاه.

٣- على المجتمع مساعدة الأسر الفقيرة كي لا يتعرّضوا للإحباط الشّديد النّاجم عن عدم القدرة على توفير احتياجاتهم الضّروريّة، وهنا تقوم فريضة الزّكاة بدور حاسم في القضاء على إحباطات الأسر الفقيرة، ويتّصل بذلك أيضا صفات: البرّ، الصّدقة، المروءة،


(١) بصائر ذوي التمييز ٢/ ٤٢٤، والمفردات للراغب ١٠٦.
(٢) الصحة النفسية، مصدر سابق.
(٣) السابق، ص ١٣٥- ١٣٦ (بتصرف واختصار) .