للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بيان معنى الصّلاة على النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم

قال المؤلّف- رحمه الله-: أصل هذه اللّفظة في اللّغة يرجع إلى معنيين: أحدهما: الدّعاء والتّبريك.

والثّاني: العبادة، فمن الأوّل قوله تعالى: خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ «١» .

وقوله تعالى في حقّ المنافقين: وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلى قَبْرِهِ «٢» . وقول النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم:

«إذا دعي أحدكم إلى الطّعام فليجب، فإن كان صائما فليصلّ» «٣» فسّر بهما، قيل «فليدع لهم بالبركة» وقيل: «يصلّي عندهم» بدل أكله.

وقيل: «إنّ الصّلاة» في اللّغة معناها الدّعاء.

والدّعاء نوعان: دعاء عبادة، ودعاء مسألة، والعابد داع، كما أنّ السّائل داع، وبهما فسّر قوله تعالى:

وَقالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ «٤» . قيل: أطيعوني أثبكم، وقيل: سلوني أعطكم، وفسّر بهما قوله تعالى:

وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ «٥» .

والصّواب: أنّ الدّعاء يعمّ النّوعين: وهذا لفظ متواطيء لا اشتراك فيه، فمن استعماله في دعاء العبادة قوله تعالى: قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ مِثْقالَ ذَرَّةٍ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ «٦» وقوله تعالى: وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ «٧» . وقوله تعالى: قُلْ ما يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي لَوْلا دُعاؤُكُمْ «٨» .

والصّحيح من القولين لولا أنّكم تدعونه وتعبدونه، أي أيّ شيء يعبأ بكم لولا عبادتكم إيّاه، فيكون المصدر مضافا إلى الفاعل، وقال تعالى، ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ* وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً «٩» وقال تعالى إخبارا عن أنبيائه ورسله: إِنَّهُمْ كانُوا يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ


(١) سورة التوبة: ١٠٣.
(٢) سورة التوبة: ٨٤.
(٣) أخرجه أحمد (٢/ ٥٠٧) ومسلم (١٤٣١) .
(٤) سورة غافر: ٦٠.
(٥) سورة البقرة: ١٨٦.
(٦) سورة سبأ: ٢٢.
(٧) سورة النحل: ٢٠.
(٨) سورة الفرقان: ٧٧.
(٩) سورة الأعراف: ٥٥، ٥٦.