للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[غزوة حنين:]

تحركت قوات هوازن وثقيف في أعقاب فتح مكة يريدون قتال المسلمين، فنزلوا حنينا، وقد أرادوها موقعة حاسمة فحشدوا كل ما لديهم من القوات «١» والأموال والنساء والأبناء حتى يستقتلوا فلا يفكر أحد منهم في الفرار ويترك أهله وماله. واستنفروا معهم غطفان وغيرها «٢» . وكان يقود الجموع مالك بن عوف النصري- الذي اجتمع إليه بنو نصر قومه، وبنو جشم، وبنو سعد بن بكر، وقليل من بني هلال، وعدد من بني عوف بن عامر، وعمرو بن عامر، وتخلف من هوازن كعب وكلاب، أما ثقيف فقد التحقت بهم كلها مع أحلافها بالإضافة إلى بني مالك «٣» وقد بلغ تعداد قوات المشركين هذه عشرين ألف مقاتل «٤» ، وقد رتب مالك بن عوف قواته في صفوف حسنة، جعل الخيالة في المقدمة ثم الرجالة، وخلفهم حشد النساء والأولاد والأنعام والأثقال «٥» .

بلغت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أخبار التحشدات التي جمعتها قوى الشرك لمواجهة الإسلام، وأراد جمع المعلومات الدقيقة عنهم، ولذلك فإنه بادر بإرسال عبد الله بن أبي حدرد الأسلمي للتعرف على أمرهم، فارتحل إليهم ومكث فيهم يوما أو يومين قبل أن يعود بأخبارهم إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم «٦» ، وبعد جمع المعلومات العسكرية المطلوبة عن المشركين بدأ النبي صلّى الله عليه وسلّم بالاستعدادات المطلوبة لمواجهتهم فاستعار مائة درع من صفوان بن أمية «٧» ، واستدان أربعين ألف درهم من حويطب بن عبد العزى»

، وقبل عون نوفل بن الحارث بن عبد المطلب له بثلاثة آلاف رمح «٩» .

كان جيش الفتح في مكة مستعدا إذ لم يلق مقاومة تذكر في فتح مكة، كما أن إقامته في مكة بعد الفتح مدة خمسة عشر يوما قد منحته الكثير من الراحة واستعادة النشاط، إضافة إلى ما تحقق له من ارتفاع في الروح المعنوية بما منحه الله من نصر، ولذلك فإنه كان مهيأ لمواجهة عدوان المشركين، وقد تحرك جيش المسلمين بناء على أمر قائده النبي صلّى الله عليه وسلّم في اليوم الخامس من شوال سنة ٨ هـ ميمما نحو تجمعات المشركين في حنين «١٠» ، وقد ثبت في الصحيحين مشاركة أبناء مكة في غزوة حنين في صفوف المسلمين «١١» ، فقد شارك ألفا مقاتل من أهل مكة، فبلغ عدد قوات


(١) البخاري- الصحيح ٥/ ١٣٠- ١٣١، مسلم- الصحيح ٢/ ٧٣٥.
(٢) مصادر الهامش السابق، وانظر الطبري- تاريخ ٣/ ٧٠.
(٣) ابن إسحاق- المغازي ص/ ٥٧١، الحاكم- المستدرك ٣/ ٤٨، ابن هشام- السيرة ٥٤/ ٤١٤.
(٤) الواقدي- المغازي ٣/ ٨٩٣.
(٥) مسلم- الصحيح ٢/ ٧٣٦ (حديث ١٠٥٩) .
(٦) الذهبي- المغازي ص/ ٥٧١- ٧٢، الحاكم- المستدرك ٣/ ٤٨.
(٧) الحاكم- المستدرك ٣/ ٤٨- ٤٩، البيهقي- السنن ٦/ ٨٩- ٩٠.
(٨) ابن عبد البر- الاستيعاب ١/ ٣٨٥.
(٩) المرجع السابق ٣/ ٥٣٧.
(١٠) ابن هشام- السيرة ٢/ ٤٣٧، البيهقي- السنن ٣/ ١٥١، النسائي- السنن ٣/ ١٠٠، ابن حجر- فتح الباري ٢/ ٥٦٢.
(١١) خليفة بن خياط- تاريخ ص/ ٨٨، ابن سعد- الطبقات ٢/ ١٥٤- ٥٥، الحاكم- المستدرك ٢/ ١٢١، وانظر ابن هشام- السيرة ٢/ ٤٤٠.