للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأسلّم. قال: فلمّا جاوزت نادى مناد. أمضيت فريضتي، وخفّفت عن عبادي» «١» .

[ودليل إمامته بالأنبياء عليهم الصلاة والسلام:]

- عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لقد رأيتني في الحجر. وقريش تسألني عن مسراي. فسألتني عن أشياء من بيت المقدس لم أثبتها. فكربت كربة ما كربت مثله. قال فرفعه الله لي أنظر إليه.

ما يسألوني عن شيء إلّا أنبأتهم به. وقد رأيتني في جماعة من الأنبياء. فإذا موسى قائم يصلّي. فإذا رجل ضرب جعد كأنّه من رجال شنوءة. وإذا عيسى ابن مريم عليه السّلام قائم يصلّي. أقرب النّاس به شبها عروة بن مسعود الثّقفيّ. وإذا إبراهيم عليه السّلام قائم يصلّي. أشبه النّاس به صاحبكم- يعني نفسه- فحانت الصّلاة فأممتهم. فلمّا فرغت من الصّلاة قال قائل: يا محمّد! هذا مالك صاحب النّار فسلّم عليه. فالتفتّ إليه فبدأني بالسّلام» «٢» .

النوع الثاني: ما اختصّ به صلّى الله عليه وسلّم لذاته في الآخرة:

اختصّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بخصائص لذاته في الآخرة لم يعطها غيره من الأنبياء عليهم السّلام. ممّا يدلّ على منزلته وعظيم قدره عند ربّه تبارك وتعالى. ومن ذلك الوسيلة، والفضيلة، والحوض والكوثر، واللّواء....

وغير ذلك ممّا سيأتي.

١- وسيلة وفضيلة: «٣»

الوسيلة أعلى درجة في الجنّة لا ينالها إلّا عبد واحد من عباد الله. وهو رسولنا صلّى الله عليه وسلّم.

قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: «الوسيلة» علم على أعلى منزلة في الجنّة وهي منزلة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وداره في الجنّة، وهي أقرب أمكنة الجنّة إلى العرش» «٤» .

وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله: «الفضيلة» أي المرتبة الزّائدة على سائر الخلائق، ويحتمل أن تكون منزلة أخرى أو تفسيرا للوسيلة «٥» .

فمنزلة الوسيلة والفضيلة خاصّة برسول الله صلّى الله عليه وسلّم لا يشاركه فيهما غيره.

وممّا يؤيّد هذه الخصوصيّة:

- عن جابر بن عبد الله- رضي الله عنهما-؛ أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: من قال حين يسمع النّداء: اللهمّ ربّ هذه الدّعوة التّامّة والصّلاة القائمة آت محمّدا الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاما محمودا الّذي وعدته. حلّت


(١) رواه البخاري- الفتح ٧ (٣٨٨٧) ، ورواه مسلم برقم (١٦٤) .
(٢) رواه مسلم برقم (١٧٢) .
(٣) انظر بداية السول (٥٢) ، والخصائص (٢/ ٣٩٠) .
(٤) انظر تفسير ابن كثير (٢/ ٥٥) .
(٥) انظر فتح الباري (٢/ ١١٣) .