للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[الحكمة]

[الحكمة لغة:]

مصدر قولهم حكم أي صار حكيما، وهو مأخوذ من مادّة (ح ك م) الّتي تدلّ على المنع أو المنع للإصلاح «١» ، ومن هذا الأصل أخذ أيضا الحكم في معنى المنع من الظّلم، وحكمة اللّجام «٢» لأنّها تمنع الدّابّة عمّا لا يريده صاحبها، والحكمة لأنّها تمنع من الجهل.

يقول الجوهريّ: الحكم مصدر قولك: حكم بينهم يحكم أي قضى، ويقال حكم له أو عليه، والحكم أيضا: الحكمة (المانعة من الجهالة) «٣» ، والحكيم العالم، والحكيم: صاحب الحكمة، والحكيم:

المتقن للأمور، وقد حكم أي صار حكيما.

قال النّمر بن تولب:

وأبغض بغيضك بغضا رويدا ... إذا أنت حاولت أن تحكما

الآيات الأحاديث الآثار

١١٠ ١٨ ٢٢

أي إذا حاولت أن تكون حكيما. ويقال أحكمت الشّيء فاستحكم أى صار محكما. ويقال (أيضا) حكمت السّفيه وأحكمته: إذا أخذت على يده، قال جرير:

أبني حنيفة أحكموا سفهاءكم ... إنّي أخاف عليكم أن أغضبا

ويقال حكّمت الرّجل تحكيما: إذا منعته ممّا أراد، ويقال حكّمته في مالي: إذا جعلت إليه الحكم فيه، واحتكموا إلى فلان وتحاكموا بمعنى أى تخاصموا إلى الحاكم، والمحكّم هو الشّيخ المجرّب المنسوب إلى الحكمة، وأمّا الّذي في الحديث «إنّ الجنّة للمحكّمين» فهم قوم من أصحاب الأخدود حكّموا وخيّروا فاختاروا الثّبات على الإسلام مع القتل «٤» .

واستحكم الرّجل إذا تناهى عمّا يضرّه في دينه


(١) ذهب إلى الرأي الأول ابن فارس في مقاييسه ٢/ ٩١، وإلى الآخر الراغب في مفرداته (ص ١٢٦) .
(٢) الحكمة ما أحاط بحنكي الدابّة سميت بذلك لأنها تمنعه من الجري الشديد (لسان العرب (٩٥٤) ط دار المعارف، وقال الجوهري: حكمة اللجام ما أحاط بالحنك (الصحاح ٥/ ١٩٠٢) .
(٣) في الأصل: والحكم: الحكمة من العلم ولعل في هذا إشارة إلى معنى الحكم في قوله تعالى وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا فالحكم بمعنى الحكمة التي هي علم مانع من الجهالة.
(٤) ما ذكرناه هو رأي الجوهري، وقد ورد في تفسيره قولان آخران: الأول: المحكمون هم الذين يقعون في يد العدو فيخيرون بين الشرك والقتل فيختارون القتل، وهذا يشمل أصحاب الأخدود وغيرهم، انظر اللسان (ص ٩٥٢) . الآخر: المحكمون: هم المخصصون بالحكمة، (انظر مفردات الراغب (١٢٨) . وقد وردت رواية أخرى بالكسر ويكون المراد بالمحكم هو المنصف من نفسه وقد رجح في اللسان (تبعا لابن الأثير) رواية الفتح للحديث الآخر الذى رواه كعب: «إن في الجنة دارا لا يدخلها إلا نبى أو صديق أو شهيد أو محكم فى نفسه» . (اللسان الموضع السابق) .