للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقيل إنّه مشتقّ، وأصله إلاه، ثمّ دخلت عليه الألف واللّام، فقيل الإلاه، ثمّ حذفت همزته تخفيفا لكثرة الاستعمال، وأدغم اللّامان «١» مع التّفخيم، ولكنّ اللّام ترقّق إذا كسر ما قبلها.

وقال الغزاليّ: فأمّا قوله «الله» «٢» . فهو اسم للموجود الحقّ، الجامع لصفات الإلهيّة، المنعوت بنعوت الرّبوبيّة، المتفرّد بالوجود الحقيقيّ، فإنّ كلّ موجود سواه غير مستحقّ الوجود بذاته، وإنّما استفاد الوجود منه- سبحانه- وكلّ ما عداه من حيث ذاته هالك، ومن الجهة الّتي تليه موجود، فكلّ موجود هالك إلّا وجهه، والأشبه أنّه جار في الدّلالة على هذا المعنى مجرى أسماء الأعلام، وكلّ ما ذكر في اشتقاقه وتعريفه تعسّف وتكلّف «٣» .

وقال السّفارينيّ: «الله» علم للذّات الواجب الوجود لذاته، المستحقّ لجميع الكمالات، وهو مشتق عند سيبويه، واشتقاقه من أله (على وزن فعل) إذا تحيّر، لتحيّر الخلق في كنه ذاته تعالى وتقدّس. وقيل:

من لاه يليه إذا علا، أو من لاه يلوه، إذا احتجب، وهذا الاسم عربيّ عند الأكثر، وزعم بعضهم أنّه معرّب، فقيل عبريّ وقيل سوريانيّ، قالى السّفارينيّ: والقول بأنّه معرّب ساقط لا يلتفت إليه «٤» .

وقولهم «اللهمّ» معناه: يا ألله وهذه الميم المشدّدة عوض من «يا» (الّتي للنّداء) ، لأنّهم لم يجدوا «يا» مع هذه الميم في كلمة واحدة، ووجدوا اسم الله مستعملا ب «يا» إذا لم يذكروا الميم في آخر الكلمة، فعلموا أنّ الميم في آخر الكلمة بمنزلة «يا» في أوّلها، والضّمة الّتي هي في الهاء هي ضمّة الاسم المنادى المفرد، والميم مفتوحة لسكونها وسكون الميم قبلها «٥» ، ومن العرب من يقول إذا طرح الميم: يا ألله اغفر لي (بهمزة) ، ومنهم من يقول: يا الله (بغير همز) ، فمن حذف الهمزة فهو على السّبيل (المعتاد) في حذف الهمزة مع ياء النّداء، ومن همزها فعلى توهّم أصالتها نظرا لعدم سقوطها (في غير النّداء) «٦» .

[المعرفة اصطلاحا:]

قال الكفويّ: المعرفة هي الإدراك المسبوق بالعدم، وتقال أيضا لثاني الإدراكين إذا تخلّلهما عدم، ولإدراك الأمر الجزئيّ أو البسيط «٧» .

وقال الجرجانيّ: المعرفة إدراك الشّيء على ما هو عليه، وهي مسبوقة بنسيان حاصل بعد العلم، ولذلك يسمّى الحقّ تعالى بالعالم دون العارف «٨» .

وقال صاحب التّوقيف (بعد أن ذكر تعريف


(١) المعجم الكبير ١/ ٤٣٣
(٢) قوله «الله» يشير الغزالي إلى قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم في الحديث الشريف الذي رواه مسلم (٢٦٧٧) عن أبي هريرة، وهو قوله عليه الصلاة والسلام: «إنّ لله- عزّ وجلّ تسعة وتسعين اسما» .
(٣) المقصد الأسنى ص ٦١
(٤) غذاء الألباب، شرح منظومة الآداب ١/ ١٠
(٥) لسان العرب ١٣/ ٤٧٠ (ط. بيروت) ، وقد نسب هذا الرأي للخليل وسيبويه وجميع النحويين الموثوق بهم.
(٦) بتصرف يسير عن المرجع السابق، الصفحة نفسها.
(٧) الكليات للكفوي ص ٨٢٤
(٨) التعريفات ص ٣٣٦