للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أهله رجلا..» فأظهر النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم الكراهة في ذلك إيثارا لستر العورة، وكراهة لهتك الحرمة، وفي الحديث: أنّه نهى عن كثرة السّؤال، قيل هو من هذا، وقيل هو سؤال النّاس أموالهم من غير حاجة «١» ولفظ «المسئوليّة» من الألفاظ المحدثة الّتي يراد بها التّبعة يقال: أنا بريء من مسئوليّة هذا العمل أي من تبعته، وقيل: المسئوليّة ما يكون به الإنسان مسئولا ومطالبا عن أمور أو أفعال أتاها. والمسئوليّة عند أرباب السّياسة: هي الأعمال الّتي يكون الإنسان مطالبا بها «٢» .

[واصطلاحا:]

قال الدّكتور دراز: تعني المسئوليّة كون الفرد مكلّفا بأن يقوم ببعض الأشياء وبأن يقدّم عنها حسابا إلى غيره وينتج عن هذا التّحديد أنّ فكرة المسئوليّة تشتمل على علاقة مزدوجة من ناحية الفرد المسئول بأعماله وعلاقته بمن يحكمون على هذه الأعمال، والمسئوليّة قبل كلّ شيء هي استعداد فطريّ، إنّها هذه المقدرة على أن يلزم الإنسان نفسه أوّلا، والقدرة على أن يفي بعد ذلك بالتزامه بوساطة جهوده الخاصّة «٣» .

وقال الخاقانيّ: يراد بالمسئوليّة الشّعور بأداء الواجب والإخلاص في العمل وليست المسئوليّة مجرّد الإقرار فإنّ الجزم بالشّيء لا يعطي صفة المسئوليّة وإنّما يجد المتحسّس بها أنّ هناك واجبات لا بدّ من الانقياد إليها بغضّ النّظر عن النّتائج، فإنّ إنقاذ الغريق ممّا يشعر الشّخص بالمسئوليّة في إنقاذه إذا كانت له القدرة على الإنقاذ وإنّ دفع الظّلم ممّن له القدرة على دفع الظّلم يجب على ذلك الشّخص أن يدفع عن المظلوم وهو مسئول عن التّرك، فالمسئوليّة تختلف بلحاظ الأفراد وبلحاظ المجتمعات «٤» .

وقيل: المسئوليّة حالة يكون فيها الإنسان صالحا للمؤاخذة على أعماله وملزما بتبعاتها المختلفة.

وقد قرّرها القرآن في آيات كثيرة، فقال تعالى:

أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنا لا تُرْجَعُونَ (المؤمنون/ ١١٥) .

أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً (القيامة/ ٢٦) .

هذا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (الجاثية/ ٢٩) .

مسئوليّة الإنسان أمام الخالق- عزّ وجلّ-:

ذكرنا في صفة «الأمانة» أنّ جمهور المفسّرين قد ذكروا أنّ الأمانة تعمّ جميع وظائف الدّين، وأنّ جميع الأقوال في تفسير قول الله تعالى: إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَأَشْفَقْنَ مِنْها وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ (الأحزاب/ ٧٢) متّفقة وراجعة إلى أنّ الأمانة هي التّكليف وقبول الأوامر والنّواهي «٥» .

إنّ حمل هذه الأمانة يعني مسئوليّة الإنسان


(١) المفردات للراغب (٢٥٠) ، والصحاح (٥/ ١٧٢٣) ، والنهاية (٢/ ٣٢٨) ، ولسان العرب (س أل) (٣/ ١٩٠٦) ط. دار المعارف.
(٢) انظر المعجم الوسيط ١/ ٤١٣ والمنجد (٣١٦) ، ومحيط المحيط (٣٩٠) .
(٣) دستود الأخلاق فى القرآن (١٣٨) .
(٤) علم الأخلاق- النظرية والتطبيق (١٤١) .
(٥) انظر صفة الأمانة، (الفقرة الخاصة بالأمانة والتكليف) .