للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الصّغائر إلّا إذا انضاف إليه ما يجعله كبيرة كأن يكون مع امرأة الأب أو حليلة الابن أو مع أجنبيّة على سبيل القهر والإكراه «١» .

[مراتب القبح في الزنا:]

قال ابن حجر: الزّنا له مراتب (متفاوتة) فهو بأجنبيّة لا زوج لها عظيم، وأعظم منه بأجنبيّة لها زوج، وأعظم منه بمحرم، وزنا الثّيّب أقبح من البكر بدليل اختلاف حدّيهما، وزنا الشّيخ لكمال عقله أقبح من زنا الشّابّ، وزنا الحرّ والعالم لكمالهما أقبح من زنا العبد والجاهل «٢» .

السّفاح والمخادنة:

لقد نهى الدّين الإسلاميّ الحنيف عن كلّ أنواع الزّنا، سرّا كان أو جهرا، وسواء كان احترافا أو مجرّد نزوة، من حرّة أو من أمة، من مسلمة أو غير مسلمة، كما نهى أيضا عن الخطوات الّتي تسبقه وتؤدّي إليه من نحو المخادنة والمصادقة، وقد سوّى في ذلك بين الرّجال والنّساء، فقال تعالى: غَيْرَ مُسافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدانٍ (المائدة/ ٥) ، وقال عزّ من قائل: غَيْرَ

مُسافِحاتٍ وَلا مُتَّخِذاتِ أَخْدانٍ

(النساء/ ٢٥) ، وقد عدّ العلماء كلا الأمرين أي السّفاح والمخادنة من الزّنا المحرّم، يقول النّيسابوريّ: السّفاح: هو الزّنا على سبيل الإعلان.

والمخادنة: هي اتّخاذ خدن (أي خليل أو صديق) على سبيل الإسرار «٣» .

وقال الطّبريّ: غير مسافحين: أي غير معالنين بالسّفاح (الزّنا) بكلّ فاجرة ولا متّخذي أخدان أي ولا منفردين ببغيّ واحدة، ومعنى خادنها:

اتّخذها لنفسه صديقة ليفجر بها، وذات الخدن: أي ذات الخليل الواحد «٤» .

وقال القرطبيّ: غير مسافحات: أي غير معلنات بالزّنا، لا أنّ الجاهليّة كان فيهم الزّواني في العلانية ولهنّ رايات منصوبة كراية البيطار، وذوات الأخدان هنّ اللّائي يتّخذن أصدقاء على الفاحشة.

وكانت العرب تعيب الإعلان بالزّنا ولا تعيب اتّخاذ الأخدان، ثمّ رفع الإسلام جميع ذلك «٥» .

وقال ابن كثير في تفسير آية المائدة/ ٥:

مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدانٍ: كما شرط الإحصان في النّساء وهي العفّة عن الزّنا، كذلك شرطها في الرّجال، وهو أن يكون الرّجل محصنا عفيفا، ولذلك قال: غَيْرَ مُسافِحِينَ وهم الزّناة الّذين لا يرتدعون عن معصية ولا يردّون أنفسهم عمّن جاءهم، ولا متّخذي أخدان: أي ذوي العشيقات الّذين لا يفعلون إلّا معهم «٦» .

[للاستزادة: انظر صفات: إطلاق البصر- التبرج- الدياثة- الإغواء- الفجور- الفحش- القذف- اتباع الهوى- الفسوق- الغي والإغواء- الفساد- العصيان- الفتنة.

وفي ضد ذلك: انظر صفات: العفة- تعظيم الحرمات- حفظ الفرج- الشرف- غض البصر- الغيرة] .


(١) الزواجر (٥٤١- ٥٥٤) باختصار وتصرف.
(٢) المرجع السابق (٤٥٥) .
(٣) رغائب الفرقان (على هامش الطبري) مجلد ٤ ج ٦ ص ٦٣.
(٤) تفسير الطبري مجلد ٤ ج ٦ ص ٧٠- ٧١.
(٥) تفسير القرطبي (٥/ ١٢٧) .
(٦) تفسير ابن كثير (٢/ ٢٢) .