للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أموالهم ودماءهم، فادفع إلى القوم ماءهم» ، قال: نعم، يا نبيّ الله، فرأيت وجه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يتغيّر عند ذلك حمرة حياء من أخذه الجارية وأخذه الماء) * «١» .

٢٨-* (عن عائشة- رضي الله عنها- قالت: إنّ امرأة من الأنصار قالت للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: كيف أغتسل من المحيض؟ قال: «خذي فرصة «٢» ممسّكة فتوضّئي ثلاثا» . ثمّ إنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم استحيا فأعرض بوجهه، أو قال: «توضّئي بها» ، فأخذتها فجذبتها فأخبرتها بما يريد النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم) * «٣» .

٢٩-* (عن أنس رضي الله عنه قال: بني على النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم بزينب بنت جحش بخبز ولحم، فأرسلت على الطّعام داعيا، فيجيء قوم فيأكلون ويخرجون ثمّ يجيء قوم فيأكلون ويخرجون، فدعوت حتّى ما أجد أحدا أدعو، فقلت: يا نبيّ الله ما أجد أحدا أدعوه، فقال: «فارفعوا طعامكم» . وبقي ثلاثة رهط يتحدّثون في البيت، فخرج النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فانطلق إلى حجرة عائشة فقال: «السّلام عليكم أهل البيت ورحمة الله» ، فقالت:

وعليك السّلام ورحمة الله، كيف وجدت أهلك، بارك الله لك. فتقرّى «٤» حجر نسائه كلّهنّ، يقول لهنّ كما يقول لعائشة، ويقلن له كما قالت عائشة. ثمّ رجع النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فإذا ثلاثة من رهط في البيت يتحدّثون وكان النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم شديد الحياء فخرج منطلقا نحو حجرة عائشة، فما أدري آخبرته أو أخبر أنّ القوم خرجوا، فرجع حتّى إذا وضع رجله في أسكفّة «٥» الباب داخلة وأخرى خارجة أرخى السّتر بيني وبينه، وأنزلت آية الحجاب) * «٦» .

[من الآثار وأقوال العلماء والمفسرين الواردة في (الحياء)]

١-* (قال أبو بكر- رضي الله عنه- وهو يخطب النّاس: «يا معشر المسلمين: استحيوا من الله فو الّذي نفسي بيده إنّي لأظلّ حين أذهب الغائط في الفضاء متقنّعا بثوبي استحياء من ربّي عزّ وجلّ» ) * «٧» .

٢-* (قال عمر- رضي الله عنه-: «من قلّ حياؤه قلّ ورعه، ومن قلّ ورعه مات قلبه» ) «٨» .

٣-* (قال ابن جريج: أخبرني محمّد بن عبّاد ابن جعفر أنّه سمع ابن عبّاس- رضي الله عنهما- يقرأ أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ (هود/ ٥) قال سألته


(١) أبو داود (٣٠٦٧) ، وذكره ابن كثير في البداية والنهاية (٢/ ٣٥١) من طريق أبي داود، وقال: في إسناده اختلاف وأشار إليه الحافظ في التهذيب (٤/ ٣٦٢) وقال الحافظ في الإصابة (٢/ ١٨٠) : أخرجه أبو داود والفريابي في مسنده، والبغوي من طريق أبي نعيم وأحمد طرفا منه.
(٢) فرصة ممسكة: قطعة من قطن أو صوف بها طيب.
(٣) البخاري- الفتح ١ (٣١٥) واللفظ له، ومسلم (٣٣٢) .
(٤) تقرى: تتبع الحجرات واحدة واحدة.
(٥) أسكفة الباب: عتبته.
(٦) البخاري- الفتح ٨ (٤٧٩٣) واللفظ له. ومسلم (١٤٢٨)
(٧) مكارم الأخلاق، لابن أبي الدنيا (٢٠) .
(٨) المرجع السابق نفسه (٢٠) .