للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

زيّن بالنّور أبصار النّاظرين، فاللّسان الغافل كالعين العمياء، والأذن الصّمّاء، واليد الشّلّاء. وهو باب الله الأعظم المفتوح بينه وبين عبده، ما لم يغلقه العبد بغفلته «١» .

درجات الذّكر:

قال ابن القيّم عن درجات الذّكر: «وهو على ثلاث درجات:

الدّرجة الأولى: الذّكر الظّاهر ثناء أو دعاء أو رعاية» .

فأمّا ذكر الثّناء فنحو «سبحان الله والحمد لله، ولا إله إلّا الله والله أكبر» .

وأمّا ذكر الدّعاء فنحو رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَتَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ (الأعراف/ ٢٣) .

وأمّا ذكر الرّعاية فمثل قول الذّاكر «الله معي، الله ناظر إليّ، الله شاهدي» .

الدّرجة الثّانية: الذّكر الخفيّ وهو الخلاص من القيود، والبقاء مع الشّهود، ولزوم المسامرة.

الدّرجة الثّالثة: الذّكر الحقيقيّ، وهو شهود ذكر الحقّ إيّاك، والتّخلّص من شهود ذكرك» .

وقد سمّي هذا الذّكر حقيقيّا؛ لأنّه منسوب إلى الرّبّ تعالى فذكر الله لعبده هو الذّكر الحقيقيّ، وهو شهود ذكر الحقّ عبده «٢» ... إلخ.

[الدلالات العامة للذكر:]

قال ابن حجر- رحمه الله تعالى-: والمراد بالذّكر: الإتيان بالألفاظ الّتي ورد التّرغيب في قولها، والإكثار منها، مثل الباقيات الصّالحات، وهي:

«سبحان الله والحمد لله ولا إله إلّا الله والله أكبر» وما يلتحق بها من الحوقلة والبسملة والحسبلة «٣» والاستغفار ونحو ذلك. والدّعاء بخيري الدّنيا والآخرة، ويطلق ذكر الله أيضا ويراد به المواظبة على العمل بما أوجبه أو ندب إليه كتلاوة القرآن، وقراءة الحديث، ومدارسة العلم، والتّنفّل بالصّلاة، ثمّ الذّكر يقع تارة باللّسان ويؤجر عليه النّاطق، ولا يشترط استحضاره لمعناه ولكن يشترط ألّا يقصد به غير معناه، وإن انضاف إلى النّطق الذّكر بالقلب فهو أكمل، فإن انضاف إلى ذلك استحضار معنى الذّكر وما اشتمل عليه من تعظيم الله تعالى ونفي النّقائص عنه ازداد كمالا. فإن وقع ذلك في عمل صالح ممّا فرض من صلاة أو جهاد أو غيرهما ازداد كمالا، فإن صحّ التوجّه وأخلص لله تعالى في ذلك فهو أبلغ الكمال.

وقال الفخر الرّازيّ: المراد بذكر اللّسان الألفاظ الدّالّة على التّسبيح والتّحميد والتّمجيد.

والذّكر بالقلب: التّفكّر في أدلّة الذّات والصّفات وفي أدلّة التّكاليف من الأمر والنّهي حتّى يطّلع على


(١) مدارج السالكين (٢/ ٤٤٠- ٤٤١) .
(٢) مدارج السالكين (٢٤٥٢- ٤٥٣) .
(٣) الحسبلة: هي قول الذاكر: حسبي الله ونعم الوكيل.