للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جنبك؟ قال: فقال بيده في صدري هكذا. وفرّق بين أصابعه وقوّسها: أردت أن يدخل عليّ الأحمق مثلك، فيراني كيف أصنع، فيصنع مثله. أتانا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في مسجدنا هذا، وفي يده عرجون «١» ابن طاب «٢» .

فرأى في قبلة المسجد نخامة فحكّها بالعرجون، ثمّ أقبل علينا فقال: «أيّكم يحبّ أن يعرض الله عنه؟» قال: فخشعنا. ثمّ قال: «أيّكم يحبّ أن يعرض الله عنه؟» قال: فخشعنا، ثمّ قال: «أيّكم يحبّ أن يعرض الله عنه؟» قلنا: لا أيّنا، يا رسول الله!. قال: «فإنّ أحدكم إذا قام يصلّي، فإنّ الله تبارك وتعالى قبل وجهه، فلا يبصقنّ قبل وجهه، ولا عن يمينه، وليبصق عن يساره، تحت رجله اليسرى. فإن عجلت به بادرة «٣» فليقل بثوبه هكذا» ثمّ طوى ثوبه بعضه على بعض فقال: «أروني عبيرا «٤» » فقام فتى من الحيّ يشتدّ «٥» إلى أهله، فجاء بخلوق «٦» في راحته، فأخذه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فجعله على رأس العرجون، ثمّ لطخ به على أثر النّخامة. فقال جابر: فمن هناك جعلتم الخلوق في مساجدكم) «٧» .

٣-* (عن أبي أيّوب الأنصاريّ- رضي الله عنه- أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «لا يحلّ لرجل أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال، يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا، وخيرهما الّذي يبدأ بالسّلام» ) * «٨» .

الأحاديث الواردة في ذمّ (الإعراض) معنى

٤-* (عن عروة بن الزّبير أنّ عبد الله بن الزّبير- رضي الله عنهما- حدّثه: «أنّ رجلا من الأنصار خاصم الزّبير عند النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم في شراج الحرّة «٩» الّتي يسقون بها النّخل، فقال الأنصاريّ: سرّح الماء يمرّ. فأبى عليه. فاختصما عند النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم للزّبير: «اسق يا زبير، ثمّ أرسل الماء إلى جارك» فغضب الأنصاريّ. فقال: أن كان ابن عمّتك.

فتلوّن وجه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ثمّ قال: «اسق يا زبير، ثمّ احبس الماء حتّى يرجع إلى الجدر» . فقال الزّبير: والله إنّي لأحسب هذه الآية نزلت في ذلك فَلا وَرَبِّكَ لا


(١) عرجون: هو الغصن.
(٢) ابن طاب: نوع من التمر.
(٣) فإن عجلت به بادرة: أي غلبته بصقة أو نخامة بدرت منه
(٤) أروني عبيرا: قال أبو عبيد: العبير، عند العرب، هو الزعفران وحده. وقال الأصمعي: هو أخلاط من الطيب تجمع بالزعفران
(٥) يشتد: أي يسعى ويعدو عدوا شديدا.
(٦) بخلوق: هو طيب من أنواع مختلفة يجمع بالزعفران، وهو العبير على تفسير الأصمعي.
(٧) مسلم (٣٠٠٦، ٣٠٠٧، ٣٠٠٨) .
(٨) البخاري- الفتح ١٠ (٦٠٧٧) واللفظ له، ومسلم (٢٥٦٠) .
(٩) شراج الحرة: الشراجة جمع شرج وهو مسيل الماء. والحرة: موضع معروف بالمدينة.