للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال ابن كثير في تفسير هذه الآية: اختلف في تعيين الكلمات، فقال قتادة عن ابن عبّاس- رضي الله عنهما- ابتلاه الله بالمناسك، وقيل بالطّهارة:

خمس في الرّأس وخمس في الجسد، فأمّا الّتي في الرّأس فهي قصّ الشّارب، والمضمضة، والاستنشاق، والسّواك، وفرق الرّأس، وأمّا الّتي في الجسد فتقليم الأظافر، وحلق العانة، والختان، ونتف الإبط، وغسل أثر البول والغائط بالماء (الاستنجاء) «١» .

وقيل غير ذلك «٢» .

٢- الكلمات الّتي تلقّاها آدم من ربّه، وذلك قوله تعالى فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ فَتابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (البقرة/ ٣٧) ، قال الزّجّاج:

المراد- والله أعلم- اعتراف آدم وحوّاء بالذّنب لأنّهما قالا: رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَتَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ (الأعراف/ ٢٣) «٣» . وقال الحسن: هي قوله: ألم تخلقني بيدك؟ ألم تسكنّي جنّتك؟ ألم تسجد لي ملائكتك؟ ألم تسبق رحمتك غضبك أرأيت إن تبت كنت معيدي إلى الجنّة؟ قال:

نعم، وقيل هي الأمانة المعروضة على السّموات والأرض «٤» . قال أبو حيّان: ومعنى تلقّي الكلمات:

أخذها وقبولها، أو الفهم، أو الفطانة، أو الإلهام، أو التّعلّم، أو العمل بها «٥» .

٣- الكلمات بمعنى القرآن ومنه قول الله تعالى (في الأعراف/ ١٥٨) يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِماتِهِ «٦» .

٤- الكلمات بمعنى علم الله وعجائبه، ومن ذلك قوله سبحانه (في الكهف/ ١٠٩) قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي «٧» .

٥- الكلمات مرادا بها الدّين «٨» ، وذلك قوله عزّ وجلّ (في الأنعام/ ١١٥) لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ «٩» .

٦- الكلمات مرادا بها الحجج، وذلك قوله تعالى وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ (الشورى/ ٢٤) «١٠» .

[لفظ الكلمة في القرآن الكريم:]

ذكر المفسّرون وعلماء الوجوه والنّظائر للكلمة في القرآن الكريم معاني عديدة منها:

١- الكلمة يراد بها «لا إله إلّا الله» وذلك كما في قوله تعالى: وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيا (التوبة/ ٤٠) «١١» .


(١) اقتصر ابن منظور في اللسان (١٢/ ٥٢٤) ؛ وابن الجوزي في نزهة الأعين النواظر (٥٢٤) على هذه الخصال العشر في تفسير معنى الكلمات التي ابتلي بها إبراهيم عليه السلام.
(٢) تفسير ابن كثير (١/ ١٧١) .
(٣) لسان العرب (١٢/ ٥٢٤) .
(٤) بصائر ذوي التمييز (٤/ ٣٧٨) .
(٥) تفسير البحر المحيط (١/ ٣١٨) ، وقد ذكر آراء عديدة في معنى «الكلمات» التي تلقاها آدم، تنظر هناك.
(٦) بصائر ذوي التمييز (٥١٤) .
(٧) المرجع السابق نفسه، الصفحة نفسها.
(٨) نزهة الأعين النواظر (٥٢٥) .
(٩) قال الفيروزآبادي: عني بالكلمات هنا الآيات والمعجزات، ونبه بذلك إلى أن ما أرسل من الآيات تام وفيه بلاغ، وقيل ردّ لقولهم: ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هذا أَوْ بَدِّلْهُ (يونس/ ١٥) . وقيل: أريد بها الأحكام (بصائر ذوي التمييز ٤/ ٣٧٨- ٣٧٩) .
(١٠) بصائر ذوي التمييز (٤/ ٣٧٩) .
(١١) نزهة الأعين النواظر (٥٢٥) .