للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المثل التطبيقي من حياة النبي صلّى الله عليه وسلّم في (الحذر)

٢٥-* (عن البراء بن عازب- رضي الله عنهما- قال: اشترى أبو بكر- رضي الله عنه- من عازب رحلا بثلاثة عشر درهما، فقال أبو بكر لعازب: مر البراء فليحمل إليّ رحلي. فقال عازب: لا حتّى تحدّثنا كيف صنعت أنت ورسول الله صلّى الله عليه وسلّم حين خرجتما من مكّة والمشركون يطلبونكم قال: ارتحلنا من مكّة فأحيينا- أو سرينا ليلتنا- ويومنا حتّى أظهرنا وقام قائم الظّهيرة، فرميت ببصري هل أرى من ظلّ فآوي إليه، فإذا صخرة أتيتها، فنظرت بقيّة ظلّ لها فسوّيته، ثمّ فرشت للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فيه، ثمّ قلت له: اضطجع يا نبيّ الله، فاضطجع النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، ثم انطلقت أنظر ما حولي، هل أرى من الطّلب أحدا؟ فإذا أنا براعي غنم يسوق غنمه إلى الصّخرة، يريد منها الّذي أردنا فسألته فقلت له: لمن أنت يا غلام؟ فقال: لرجل من قريش سمّاه فعرفته، فقلت: هل في غنمك من لبن؟ قال:

نعم، قلت: فهل أنت حالب لنا؟ قال: نعم. فأمرته فاعتقل شاة من غنمه، ثمّ أمرته أن ينفض ضرعها من الغبار، ثمّ أمرته أن ينفض كفّيه، فقال: هكذا- ضرب إحدى كفّيه بالأخرى- فحلب لي كثبة من لبن، وقد جعلت لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم إداوة على فمها خرقة، فصببت على اللّبن حتّى برد أسفله، فانطلقت إلى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فوافقته قد استيقظ، فقلت: اشرب يا رسول الله، فشرب حتّى رضيت، ثمّ قلت: قد آن الرّحيل يا رسول الله. فقال: «بلى» . فارتحلنا والقوم يطلبوننا، فلم يدركنا أحد منهم غير سراقة بن مالك بن جعشم على فرس له فقلت: هذا الطّلب قد لحقنا يا رسول الله. فقال: «لا تحزن إنّ الله معنا» ) * «١» .

٢٦-* (عن سهل بن الحنظليّة- رضي الله عنه-:

أنّهم ساروا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يوم حنين فأطنبوا السّير حتّى كانت عشيّة، فحضرت الصّلاة عند رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فجاء فارس فقال: يا رسول الله إنّي انطلقت بين أيديكم حتّى طلعت جبل كذا وكذا، فإذا أنا بهوازن على بكرة آبائهم بظعنهم ونعمهم وشائهم اجتمعوا إلى حنين، فتبسّم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وقال: «تلك غنيمة المسلمين غدا إن شاء الله» ، ثمّ قال: «من يحرسنا اللّيلة؟» . قال أنس بن أبي مرثد الغنويّ: أنا يا رسول الله. قال: «فاركب» فركب فرسا له، فجاء إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقال له رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «استقبل هذا الشّعب حتّى تكون في أعلاه، ولا نغرّنّ من قبلك اللّيلة» . فلمّا أصبحنا خرج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى مصلّاه فركع ركعتين، ثمّ قال: «هل أحسستم فارسكم؟» .

قالوا: يا رسول الله ما أحسسناه فثوّب بالصّلاة، فجعل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يصلّي، وهو يلتفت إلى الشّعب، حتّى إذا قضى صلاته وسلّم قال: «أبشروا فقد جاءكم


(١) البخاري- الفتح ٧ (٣٦٥٢) واللفظ له. ومسلم (٢٠١٩) .