للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على كبدي سخفة جوع. قال: «إنّها مباركة، إنّها طعام طعم «١» » . فقال أبو بكر: يا رسول الله ائذن لي في طعامه اللّيلة، فانطلق رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأبو بكر، وانطلقت معهما، ففتح أبو بكر بابا، فجعل يقبض لنا من زبيب الطّائف، وكان ذلك أوّل طعام أكلته بها، ثمّ غبرت ما غبرت «٢» ، ثمّ أتيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: «إنّه قد وجّهت لي أرض «٣» ذات نخل، لا أراها «٤» إلّا يثرب «٥» فهل أنت مبلّغ عنّي قومك؟

عسى الله أن ينفعهم بك ويأجرك فيهم» . فأتيت أنيسا فقال: ما صنعت؟ قلت: صنعت أنّي قد أسلمت وصدّقت، قال: ما بي رغبة عن دينك، فإنّي قد أسلمت وصدّقت، فأتينا أمّنا، فقالت: ما بي رغبة عن دينكما «٦» ، فإنّي قد أسلمت وصدّقت.

فاحتملنا «٧» حتّى أتينا قومنا غفارا، فأسلم نصفهم، وكان يؤمّهم إيماء «٨» بن رحضة الغفاريّ، وكان سيّدهم. وقال نصفهم: إذا قدم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم المدينة أسلمنا، فقدم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم المدينة، فأسلم نصفهم الباقي، وجاءت أسلم، فقالوا: يا رسول الله إخوتنا، نسلم على الّذي أسلموا عليه، فأسلموا، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «غفار غفر الله لها، وأسلم سالمها الله» ) * «٩» .

() الأحاديث الواردة في (الترغيب في الجنة)

٢٦-* (عن أنس- رضي الله عنه- أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال غدوة في سبيل الله أو روحة خير من الدّنيا وما فيها، ولقاب «١٠» قوس أحدكم- أو موضع قدّه «١١» من الجنّة خير من الدّنيا وما فيها، ولو أنّ امرأة من نساء أهل الجنّة اطّلعت إلى أهل الأرض لأضاءت ما بينهما، ولملأت ما بينهما ريحا، ولنصيفها- يعني الخمار- خير من الدّنيا وما فيها» ) * «١٢» .

٢٧-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «إنّ في الجنّة مائة درجة أعدّها


(١) طعام طعم: أي تشبع شاربها كما يشبعه الطعام.
(٢) غبرت ما غبرت: أي بقيت ما بقيت.
(٣) وجهت لي أرض: أي أريت جهتها.
(٤) أراها: ضبطوه أراها بضم الهمزة وفتحها.
(٥) يثرب: هذا كان قبل تسمية المدينة طابة وطيبة، وقد جاء بعد ذلك حديث في النهي عن تسميتها يثرب.
(٦) ما بي رغبة عن دينكما: أي لا أكرهه، بل أدخل فيه.
(٧) فاحتملنا: يعني حملنا أنفسنا ومتناعا على إبلنا، وسرنا.
(٨) إيماء: الهمزة في أوله مكسورة، على المشهور، وحكى القاضي فتحها أيضا، وأشار إلى ترجيحه، وليس براجح.
(٩) مسلم (٢٤٧٣) .
(١٠) القاب: هو القدر.
(١١) القدّ: وتر القوس، ويطلق أيضا على السواط.
(١٢) البخاري- الفتح ١١ (٦٥٦٨) واللفظ له، وأحمد (٢/ ٤٨٣) ، الترمذي (١٦٥١) .