للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صاحب الشأن في هذا الكون الفعال لما يريد، كما تؤكد أهمية الثقة في الله والكفاية به، والاعتماد الدائم عليه والاعتصام به، والإيمان بالملائكة، والرسل والكتب واليوم الآخر، وبالقضاء والقدر، خيره وشره، وحلوه ومره، وأن الإنسان لم يسلب إرادته وحريته بهذا الإيمان، بل أعطى حريته وإرادته المختارة، وأعطى عقلا يميز به، وهو أساس التكليف والمسئولية، إلى غير ذلك من جزئيات القيم العقيدية التي تعتبر الأساس لكل القيم، وعرضته القصة عرضا جيدا «١» .

٣- عرض حياة الرسول صلّى الله عليه وسلّم، وما تضمنته من قيم خلقية:

حيث إنه الرائد الذي لا يكذب أهله، وهو الهادي إلى الحياة الصحيحة، من تبعه فيما دعا إليه فاز ونجا، ومن كذبه خسر وبار، وأنه خاتم الرسل ولا نبي بعده، وتعرض دلائل النبوة وبراهين الرسالة، كما تعرض لصفات النبي صلّى الله عليه وسلّم.

وتعرض القصة حياة الرسل- صلوات الله وسلامه عليهم- ودعوتهم إلى أقوامهم، ومواقف الأمم من الدعوة وانتصار الحق وغير ذلك من ملامح تاريخ الرسل، ومحاولتهم تخليص العقيدة من الأمراض التي تفتك بها، وإرساء القيم الصحيحة للاقتداء بهم، والتأسي بهم فيما كانوا عليه من الهدى.

وجملة الأمر أن القصة كوسيلة من وسائل تنمية القيم الخلقية تتسع إمكاناتها، إذ إنها تستخدم كافة الإمكانات التى تفيد في هذا المجال، استخدام عناصر التشويق، والتقرير والحوار والسؤال وغير ذلك من إمكانات «٢» . كالنموذج والقدوة للاحتذاء بها، والتوجيه التقريري على لسان أحد شخصياتها، والمادة التاريخية الواردة بها، والوسائل التعليمية والتربوية، ومعنى هذا أن إمكانياتها واسعة جدا، يمكن الاستفادة منها في مجال تنمية القيم الخلقية الإسلامية.

وقد أحس المسلمون قيمة القصة في تنمية القيم الخلقية، فبعد وفاة الرسول صلّى الله عليه وسلّم، كان الآباء والأمهات من الصحابة والصحابيات يستخدمون القصة من أجل تحقيق هذا الهدف، وبدأ القصّاص يجلسون في المساجد يقصون أخبار الرسول صلّى الله عليه وسلّم وسيرته، وأخبار الأمم السابقة، والقارىء للفكر الإسلامي وفنونه يستدل على الكثير من الشواهد الدالة على شيوع استخدام القصص عند المسلمين.

وإذا كانت القصة تحتل تلك الأهمية في تاريخ التربية الإسلامية، فإن أهميتها لا تزال مستمرة وتحقق أهدافا تربوية جيدة للأطفال والشباب والشيوخ، فلكلّ قصصه الذي يناسبه، ويمكن استخدامها بطريقة فعالة لغرض القيم الخلقية الإسلامية، ولذلك شروطه كما يلي:

- أن تكون القصة منسجمة مع أهداف الإسلام ومبادئه وقيمه بحيث تقدم هذه القيم في إطار أهداف


(١) راجع: المرجع السابق، ص ٣٧٩- ٣٨٥، وعبد الوهاب لطف الديلمي، معالم الدعوة في قصص القرآن الكريم، الطبعة الأولى، ج ١، جدة، دار المجتمع للنشر والتوزيع، ١٤٠٦ هـ/ ١٩٨٦ م، ص ٦١- ١٢٠.
(٢) راجع: المرجع السابق، ص ٩٤- ١٢٣، وعبد الوهاب بن لطف الديلمي، مرجع سابق، ج ٢، ص ١٠٨٤.