للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حياة النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «فإذا هو يقرأ على حروف كثيرة لم يقرئنيها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم» وقد أنكر عمر عليه ذلك وعرضا الأمر على الرسول صلّى الله عليه وسلّم فلما سمع قراءة هشام قال: «كذلك أنزلت» ، كما أقر عمر على قراءته وقال صلّى الله عليه وسلّم: «إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فأقرأوا ما تيسر منه» «١» . وكان القرآن يحفظ في صدور الرجال، ويكتب على العسب واللخاف «٢» .

كتّاب الوحي:

أما كتّاب النبي صلّى الله عليه وسلّم فقد اشتهر زيد بن ثابت بينهم رغم أنه أسلم بعد الهجرة واقتصر في الكتابة لذلك على ما نزل في المدينة ولم يكتب من السور المكية شيئا عند الوحي، وحتى في المدينة فربما غاب زيد فيكتب الوحي غيره.

وأول من كتب آيات التنزيل في مكة لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم من قريش عبد الله بن سعد بن أبي سرح «٣» وممن كتب له في الجملة الخلفاء الأربعة، والزبير بن العوام، وخالد وأبان ابنا سعيد بن العاص بن أمية، وحنظلة بن الربيع الأسدي، ومعيقب بن أبي فاطمة وعبد الله بن الأرقم الزهري، وشرحبيل بن حسنة وعبد الله بن رواحة في آخرين.

وكان أبي بن كعب هو أول من كتب له بالمدينة «٤» .

وروى الإمام أحمد، وأصحاب السنن الثلاثة وصححه ابن حبان والحاكم من حديث عبد الله بن عباس عن عثمان بن عفان قال: «كان الرسول صلّى الله عليه وسلّم مما يأتي عليه الزمان ينزل عليه من السور ذوات العدد، فكان إذا نزل عليه الشيء يدعو بعض من يكتب عنده فيقول: «ضعوا هذه في السّورة الّتي يذكر فيها كذا» الحديث «٥» .

وفي رواية الواقدي عن أشياخه: «إن أول من كتب لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم مقدمه المدينة أبيّ بن كعب الأنصاري، وهو آخر من كتب في آخر الكتاب وكتب فلان، فكان أبيّ إذا لم يحضر دعا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم زيد بن ثابت الأنصاري فكتب له، فكان أبيّ وزيد يكتبان الوحي بين يديه، وكتبه إلى من يكاتب من الناس وما يقطع وغير ذلك» «٦» .

قال الواقدي: وأول من كتب له من قريش عبد الله بن سعد بن أبي سرح، ثم ارتد ورجع إلى مكة وقال لقريش: أنا آتي بمثل ما يأتي به محمد، وكان يملّ عليه «الظالمين» فيكتب «الكافرين» يمل عليه «سميع عليم» فيكتب «غفور رحيم» وأشباه ذلك. فأنزل الله تعالى: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ قالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ ما أَنْزَلَ اللَّهُ «٧» .


(١) البخاري- (فتح الباري ٨/ ٦٣٩- ٦٤٠- حديث رقم ٤٩٩٢) .
(٢) البخاري- فتح الباري (باب جمع القرآن) ٨/ ٦٢٧ وورد في رواية ابن عيينة عن الزهري «القصب والعسب والكرانيف وجرائد النخل» ووقع في رواية شعيب «من الرقاع» جمع رقعة وقد تكون من جلد أو ورق أو كاغد، وفي رواية ابن غزيّة «وقطع الأديم» ، وفي رواية ابن أبي داود «والصحف» ، فتح الباري ٨/ ٦٣١.
(٣) ارتد ثم عاد إلى الإسلام يوم الفتح، فتح الباري ٨/ ٦٣٩، وقول ابن حجر: في الجملة: يعني في مكة والمدينة.
(٤) البخاري- (فتح الباري ٨/ ٦٣٩) باب: كاتب النبي صلّى الله عليه وسلّم.
(٥) المرجع السابق ٨/ ٦٣٩.
(٦) البلاذري- فتوح البلدان ٣/ ٥٨٢ (حديث ١١١٢) .
(٧) القرآن الكريم- سورة الأنعام، الآية/ ٩٣، وانظر عن الرواية: المصدر السابق ٣/ ٥٨٢ (حديث ١١١٢) .