للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بعض أصحابه الخلاف في سائر الأنبياء وهذا ضعيف، والّذي عليه الجمهور كمالك والشّافعيّ وأبي حنيفة أنّه لا ينعقد اليمين بالنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم- ناهيك عن سائر الأنبياء- كما جاء في إحدى الرّوايتين عن أحمد، وهو الصّحيح «١» .

وقد ذكر ابن القيّم هذا النوع على أنّه من الشّرك الأصغر- كما سبق- وجعل منه أيضا:

٥- سجود المريد للشّيخ:

إنّ سجود المريد للشّيخ شرك من السّاجد والمسجود له (إن رضي بذلك) فإن قالوا: ليس هذا سجودا وإنّما هو وضع الرأس قدّام الشيخ احتراما وتواضعا، قيل لهم: حقيقة السّجود وضع الرأس لمن يسجد له، وكذلك السّجود للصّنم، وللشّمس، وللنّجم، وللحجر، كلّه وضع الرأس قدّامه.

٦- حلق الرّأس للشّيخ:

ومن الشّرك (الأصغر) حلق الرأس للشّيخ، فإنّه تعبّد لغير الله، وكذلك التّوبة للشّيخ لأنّها لا تكون إلّا لله عزّ وجلّ.

٧- الخوف من غير الله:

ومنه كذلك الخوف من غير الله، والتّوكّل على غير الله والعمل لغير الله، والإنابة والخضوع والذّلّ لغير الله وإضافة النّعمة لغير الله «٢» ، وغير ذلك من مظاهر الرّياء «٣» .

[أحكام الشرك:]

قال الكفويّ: والشّرك أنواع: شرك الاستقلال:

وهو إثبات إلهين مستقلّين كشرك المجوس، وشرك التّبعيض وهو تركيبه الإله من آلهة كشرك النّصارى، وشرك التّقريب وهو عبادة غير الله ليقرّب إلى الله زلفى كشرك متقدّمي الجاهليّة. وشرك التّقليد وهو عبادة غير الله تبعا للغير كشرك متأخّري الجاهليّة. وشرك الأسباب وهو إسناد التّأثير للأسباب العاديّة كشرك الفلاسفة والطّبائيّين ومن تبعهم على ذلك.

وشرك الأغراض: وهو العمل لغير الله.

قال الكفويّ: فحكم الأربعة الأولى الكفر بإجماع وحكم السّادس المعصية من غير كفر بإجماع، وحكم الخامس التّفصيل فمن قال في الأسباب العاديّة إنّها تؤثّر بطبيعتها فقد حكم الإجماع على كفره ومن قال إنّها تؤثّر بقوّة أودعها الله فيها بطبيعتها فهو فاسق «٤» . وقد قال كلّ من الإمامين الذّهبيّ وابن حجر إنّ الشّرك كبيرا كان أو صغيرا من الكبائر «٥» .

[من معاني لفظ الشرك في القرآن الكريم:]

قال ابن الجوزيّ: ذكر أهل التّفسير أنّ الشّرك في القرآن الكريم على ثلاثة أوجه:

أحدها: أن يعدل بالله غيره. ومنه قوله تعالى في


(١) المرجع السابق ١٥٩.
(٢) مدارج السالكين، ١/ ٣٧٤- ٣٧٥ (بتصرف واختصار) .
(٣) عدّ العلماء الرياء من الشرك الأصغر، وقد عقدنا له صفة خاصة فأغنى ذلك عن الإعادة هنا.
(٤) الكليات (٥٣٣) .
(٥) انظر في تفصيل ذلك: الكبائر للذهبي (٩) ، والزواجر (٣٩) وما بعدها.