للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الأحاديث الواردة في (الخوف) معنى]

٢١-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم اشتكت النّار إلى ربّها.

فقالت: يا ربّ، أكل بعضي بعضا. فأذن لها بنفسين:

نفس في الشّتاء، ونفس في الصّيف. فهو أشدّ ما تجدون من الحرّ. وأشدّ ما تجدون من الزّمهرير «١» » ) * «٢» .

٢٢-* (عن أبي اليسر- رضي الله عنه- قال:

أتتني امرأة تبتاع تمرا، فقلت: إنّ في البيت تمرا أطيب منه. فدخلت معي في البيت فأهويت إليها فقبّلتها، فأتيت أبا بكر، فذكرت ذلك له، قال: استر على نفسك وتب ولا تخبر أحدا، فلم أصبر. فأتيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فذكرت ذلك له. فقال له: «أخلفت غازيا في سبيل الله في أهله بمثل هذا؟» ، حتّى تمنّى أنّه لم يكن أسلم إلّا تلك السّاعة، حتّى ظنّ أنّه من أهل النّار.

قال: وأطرق رسول الله صلّى الله عليه وسلّم طويلا حتّى أوحى الله إليه: أَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ ذلِكَ ذِكْرى لِلذَّاكِرِينَ «٣» .

قال أبو اليسر: فأتيته، فقرأها عليّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال أصحابه: يا رسول الله، ألهذا خاصّة أم للنّاس عامّة؟

قال: «بل للنّاس عامّة» ) * «٤» .

٢٣-* (عن المقداد- رضي الله عنه- قال:

أقبلت أنا وصاحبان لي وقد ذهبت أسماعنا وأبصارنا من الجهد «٥» . فجعلنا نعرض أنفسنا على أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فليس أحد منهم يقبلنا. فأتينا النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فانطلق بنا إلى أهله. فإذا ثلاثة أعنز فقال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «احتلبوا هذا اللّبن بيننا» . قال: فكنّا نحتلب فيشرب كلّ إنسان منّا نصيبه. ونرفع للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم نصيبه، قال: فيجيء من اللّيل فيسلّم تسليما لا يوقظ نائما ويسمع اليقظان. قال: ثمّ يأتي المسجد فيصلّي ثمّ يأتي شرابه فيشرب. فأتاني الشّيطان ذات ليلة، وقد شربت نصيبي، فقال: محمّد يأتي الأنصار فيتحفونه ويصيب عندهم. ما به حاجة إلى هذه الجرعة. فأتيتها فشربتها. فلمّا أن وغلت «٦» في بطني، وعلمت أنّه ليس إليها سبيل. قال: ندّمني الشّيطان، فقال: ويحك ما صنعت؟ أشربت شراب محمّد؟ فيجيء فلا يجده فيدعو عليك فتهلك. فتذهب دنياك وآخرتك. وعليّ شملة إذا وضعتها على قدميّ خرج رأسي، وإذا وضعتها على رأسي خرج قدماي. وجعل لا يجيئني النّوم، وأمّا صاحباي ناما، ولم يصنعا ما صنعت.

قال: فجاء النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فسلّم كما كان يسلّم، ثمّ أتى المسجد فصلّى، ثمّ أتى شرابه فكشف عنه فلم يجد فيه شيئا. فرفع رأسه إلى السّماء، فقلت: الآن يدعو عليّ


(١) الزمهرير: شدة البرد.
(٢) البخاري- الفتح ٦ (٣٢٦٠) . ومسلم (٦١٧) واللفظ له.
(٣) هود/ ١١٤ مكية
(٤) البخاري- الفتح ٨ (٤٦٨٧) ، ومسلم (٢٧٦٣) ، والترمذي (٣١١٥) واللفظ له، وقال: حديث حسن صحيح.
(٥) الجهد: الجوع والمشقة.
(٦) وغلت: أي دخلت وتمكنت منه.