للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأهلك. فقال: «اللهمّ أطعم من أطعمني، وأسق من أسقاني» قال: فعمدت إلى الشّملة فشددتها عليّ وأخذت الشّفرة فانطلقت إلى الأعنز أيّها أسمن فأذبحها لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم فإذا هي حافلة «١» ، وإذا هنّ حفّل كلّهنّ، فعمدت إلى إناء لآل محمّد صلّى الله عليه وسلّم ما كانوا يطمعون أن يحتلبوا فيه. قال: فحلبت فيه حتّى علته رغوة فجئت إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: «أشربتم شرابكم اللّيلة؟» . قال: قلت: يا رسول الله اشرب. فشرب ثمّ ناولني. فقلت: يا رسول الله اشرب. فشرب ثمّ ناولني. فلمّا عرفت أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قد روي وأصبت دعوته ضحكت حتّى ألقيت إلى الأرض، قال: فقال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «إحدى سوآتك يا مقداد» . فقلت: يا رسول الله، كان من أمري كذا وكذا، وفعلت كذا. فقال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «ما هذه إلّا رحمة من الله. أفلا كنت آذنتني، فنوقظ صاحبينا فيصيبان منها» . قال: فقلت:

والّذي بعثك بالحقّ ما أبالي إذا أصبتها وأصبتها معك، من أصابها من النّاس) * «٢» .

٢٤-* (عن سهل بن سعد- رضي الله عنه- أنّ رجلا من أعظم المسلمين غناء عن المسلمين في غزوة غزاها مع النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فنظر النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقال: «من أحبّ أن ينظر إلى رجل من أهل النّار فلينظر إلى هذا» ، فاتّبعه رجل من القوم وهو على تلك الحال من أشدّ النّاس على المشركين حتّى جرح فاستعجل الموت، فجعل ذبابة سيفه بين ثدييه حتّى خرج من بين كتفيه، فأقبل الرّجل إلى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم مسرعا فقال: أشهد أنّك رسول الله، فقال: «وما ذاك؟» . قال: قلت لفلان:

«من أحبّ أن ينظر إلى رجل من أهل النّار فلينظر إليه» ، وكان من أعظمنا غناء عن المسلمين، فعرفت أنّه لا يموت على ذلك فلمّا جرح استعجل الموت، فقتل نفسه. فقال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم عند ذلك: «إنّ العبد ليعمل عمل أهل النّار وإنّه من أهل الجنّة، ويعمل عمل أهل الجنّة وإنّه من أهل النّار، وإنّما الأعمال بالخواتيم» ) * «٣» .

٢٥-* (عن ابن عبّاس- رضي الله عنهما- أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قرأ هذه الآية: اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ «٤» . قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «لو أنّ قطرة من الزّقّوم قطرت في دار الدّنيا لأفسدت على أهل الدّنيا معايشهم، فكيف بمن يكون طعامه» ) * «٥» .

٢٦-* (عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: إنّ ناسا قالوا لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم: يا رسول الله، هل نرى ربّنا يوم القيامة؟. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «هل تضارّون في رؤية القمر ليلة البدر؟» . قالوا: لا، يا رسول الله. قال: «هل تضارّون في الشّمس ليس


(١) حافلة: كثيرة اللبن.
(٢) مسلم (٢٠٥٥) .
(٣) البخاري- الفتح ١١ (٦٦٠٧) واللفظ له. ومسلم (١١٢) .
(٤) آل عمران/ ١٠٢، ونصها يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ.
(٥) سنن الترمذي (٢٥٨٥) واللفظ له، وقال: هذا حديث حسن صحيح، وابن ماجة (٤٣٢٥) ، وأحمد (١/ ٣٠٠) .