للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

له: استخلفت علينا عمر وقد عتا علينا ولا سلطان له، فلو ملكنا كان أعتى وأعتى «١» .

قال ابن الأثير: العتوّ هنا الشّدّة والغلظة والتجبّر «٢» ، ولا علاقة له بالمعاصي.

[العتو اصطلاحا:]

قال الكفويّ: العتوّ: كلّ مبالغة في كبر أو فساد أو كفر «٣» ، ويؤخذ ممّا ذكره الفيروزآباديّ في البصائر: أنّ العتوّ هو مجاوزة الحدّ في الاستكبار «٤» ، قال- رحمه الله- عتا عتوّا إذا استكبر وجاوز الحدّ في الاستكبار.

وقال ابن حجر: هو الانهماك في الطّغيان والمبالغة في الفساد «٥» .

وقال القرطبيّ: العتوّ: هو أشدّ الكفر وأفحش الظّلم «٦» . ويمكن أن نستخلص من جملة هذه الأقوال أنّ العتوّ المذموم هو كلّ مخالفة لأمر الله عزّ وجلّ مصحوبة بالاستكبار ومجاوزة الحدّ مع التجبّر والمبالغة في الفساد.

[حكم العتو:]

إذا كان العتوّ معصية أو مخالفة لأمر الله- عزّ وجلّ- مصحوبة بالاستكبار، فإنّه يعدّ من الكبائر المضاعفة: كبيرة المعصية ذاتها وكبيرة الكبر المقترن بها «٧» .

[من معاني العتو في القرآن الكريم:]

لم تذكر كتب الوجوه والنظائر لفظ العتوّ ضمن تلك الألفاظ المشتركة الّتي تعدّدت معانيها في القرآن الكريم، وبالرّجوع إلى كتب التّفسير أمكننا أن نقف على معان عديدة للفظ «العتوّ» منها:

١- العتوّ بمعنى الطّعن في الّسّنّ، وذلك قوله تعالى: وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا (مريم/ ٨) .

٢- العتوّ بمعنى القهر والغلبة، ومن ذلك قوله تعالى: بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عاتِيَةٍ (الحاقة/ ٦) .

٣- العتوّ بمعنى الاستكبار عن الطّاعة، ومنه قوله تعالى: وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ (الأعراف/ ٧٧) .

٤- العتوّ بمعنى العلوّ في الأرض، من ذلك قوله تعالى: وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيراً (الفرقان/ ٢١) .

٥- العتوّ بمعنى التّجاوز في معصية الله تعالى، ومخالفة أمره ومن ذلك قوله سبحانه: فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ ما نُهُوا عَنْهُ.. (الأعراف/ ١٦٦) . وقوله جلّ من قائل عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّها (الطلاق/ ٨) .

٦- العتوّ بمعنى الطّغيان، وذلك كما في قوله تعالى: بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ (الملك/ ٢١) .

[للاستزادة: انظر صفات: الطغيان- الظلم- العدوان- العصيان- الغرور- الفجور- الكبر والعجب.

وفي ضد ذلك: انظر صفات: الإخبات- الإنابة- التواضع- الخشوع- الخوف- التقوى- تكريم الإنسان] .


(١) منال الطالب، شرح طوال الغرائب لابن الأثير (٢٨٠) . وانظر الأثر كاملا في قسم الآثار (أثر رقم ١) .
(٢) المرجع السابق (٢٨٤) .
(٣) الكليات (٥٩٨) ، وفيه «كل مبالغ» والصواب ما أثبتناه.
(٤) بصائر ذوي التمييز (٤/ ١٩) .
(٥) فتح الباري (١٢/ ٧٠) ، وقد جاء قوله هذا في الحديث عن عتوّ شاربي الخمر، وذكر أيضا ان العتو هو التجبر.
(٦) جاء قول القرطبي هذا في تفسير قوله تعالى: «لقد استكبروا في أنفسهم وعتوا عتوّا كبيرا» .
(٧) انظر في كبيرة «الكبر» الزواجر ١/ ٦٧.