للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتوجيهاته، وأفعاله، وأقواله، وباستخدام كافة الطرق لاستثارة إمكانيات الإنسان من أجل تمثل القيم الخلقية، والأمثلة على ذلك كثيرة في مواقف الرسول صلّى الله عليه وسلّم، نذكر منها- على سبيل المثال- ما يتعلق بمجلسه صلّى الله عليه وسلّم، فقد كان- كما جاء في حديث هند بن أبي هالة: «مجلس حلم وحياء، وصبر وأمانة، لا ترفع فيه الأصوات، ولا تؤبّن فيه الحرم، ولا تثنى فلتاته، إذا تكلم أطرق جلساؤه كأنما على رءوسهم الطير، فإذا سكت تكلموا، كان دائم البشر، سهل الخلق، ليّن الجانب، ليس بفظ ولا غليظ، ولا سخّاب في الأسواق، ولا فحّاش ولا عيّاب ولا مدّاح ولا يقبل الثناء إلا من مكافيء» .

ولا عجب أن نجد في أثناء حياته صلّى الله عليه وسلّم وبعدها مجتمعا إسلاميا ملتزما، وفردا مسلما ملتزما توجهه قيم خلقية صحيحة في كافة نواحي سلوكه المختلفة. ونجد الأفراد في المجتمع الإسلامي أصحاء أزكياء مبدعين ملتزمين بالإسلام.

[ثالثا: كيفية تكوين القيم الخلقية:]

لتكوين القيم الخلقية عمليا- وبالوسائل السابقة، وعلى أساس القدوة الحسنة- نجد أن هناك عدة مراحل هامة، وقد استنبطنا بعضها من أسلوب عرض القرآن، واستعنا ببعض القراءات في هذا المجال، وهي كما يلي:

١- عرض المواقف الخلقية لجذب الانتباه إليها:

لقد عرض القرآن مواقف خلقية كثيرة، وذلك لجذب انتباه الإنسان، وإيقاظ إحساسه بالقيمة الخلقية وهنا تستخدم كافة الإمكانيات في سبيل هذا العرض بقصد الاستحواذ على انتباه المسلم. ويعتبر هذا درجة أولى لتكوين الوعي بها، وإثارة الرغبة في الترقي لتتم عملية تركيز الانتباه، ويظهر الإنسان نوعا من الاهتمام تأتي بعده الاستجابة النشطة الطوعية النابعة من داخله.

ومثال ذلك: قيمة الصلاة، حين نريد تكوينها في نفس الناشيء الصغير، فإنه لا بد من جذب انتباهه باستثارة حواسه، والسلوك الفعلي أمامه، بحيث نبين له أهمية الصلاة مرة بعد مرة، بحيث يبدأ تكون الوعي لديه بها، ويتطلب هذا إطلاع الناشيء على أهمية الصلاة وكيفية أدائها دون تمييز محدد أو إدراك للخصائص الموضوعية لها، بمعنى أنه لا بد من إتاحة وتهيئة

جو يظهر اهتمام الناشيء بالقيمة فيصحبه إلى المسجد وبغير قصد وعن طواعية من الناشيء، وبالتالي يمكن- وبهذه الطريقة المبسطة التي تحترم إنسانية الناشيء وتجذبه في جو تعاوني تعاطفي- أن نغرس قيمة أداء الصلاة في نفسه.

٢- موقف التقبل الواضح وتعزيز هذا التقبل:

فحيث يظهر الإنسان تجاوبا معينا مع القيمة والوعي بها فإنه لا بد من مصاحبة ذلك بقول لطيف مشجع يحرّض على ذكر هذه الاستجابة الطيبة التي تكاد تظهر إلى حيز الوجود الفعلي دون إشارة إلى ضعف ممكن،