مصدر أعرض يعرض، وهو مأخوذ من مادّة (ع ر ض) وهي كما يقول ابن فارس بناء تكثر فروعه، وهي مع كثرتها ترجع إلى أصل واحد وهو العرض خلاف الطّول، ومن ذلك: أعرضت عن فلان، وأعرضت عن هذا الأمر، وأعرض بوجهه، لأنّه إذا كان كذا ولّاه عرضه (وقيل عارضه) ، والعارض إنّما هو مشتقّ من العرض الّذي هو خلاف الطّول، ويقال: أعرض الشّيء لك من بعيد، فهو معرض، وذلك إذا ظهر لك وبدا، والمعنى أنّك رأيت عرضه، وعارضت فلانا في السّير، إذا سرت حياله، وعارضته مثل ما صنع، إذا أتيت إليه مثل ما أتى لك. ومنه اشتقّت المعارضة، وكأنّ عرض الشّيء الّذي يفعله مثل عرض الشّيء الّذي أتيته، ويقال: اعترض في الأمر فلان، إذا أدخل نفسه فيه.
وقال الرّاغب: أصل العرض (خلاف الطّول) أن يقال في الأجسام ثمّ يستعمل في غيرها، وأعرض أظهر عرضه أي ناحيته، فإذا قيل: أعرض لي كذا أي بدا عرضه فأمكن تناوله، وإذا قيل أعرض عنّي
الآيات/ الأحاديث/ الآثار
٣٣/ ٩/ ٩
فمعناه: ولّى مبديا عرضه، وقول الله تعالى وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً (طه/ ١٢٤) الإعراض عن الذّكر التّولّي عنه وعدم قبوله.
يقول القرطبيّ: أعرض عن ذكري: تولّى عنه ولم يقبله ولم يستجب له، ولم يتّعظ فينزجر عمّا هو عليه مقيم من مخالفة أمر ربّه.
وقال النّيسابوريّ في هذه الآية: الذّكر هنا هو الهدى، وقوله سبحانه: أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي (طه/ ١٢٤) يقابله: اتّبع هداي، وكأنّ الإعراض ضدّ الاتّباع «١» .
والإعراض عن الشّيء: الصّدّ عنه، وأعرض فلان أي ذهب عرضا وطولا، وأعرضت الشّيء جعلته عريضا، وأعرضت فلانة بولدها: إذا ولدتهم عراضا، وتعرّضت لفلان تصدّيت له، وتعرّض: تعوّج، يقال:
تعرّض الجمل في الجبل: إذا أخذ في مسيره يمينا وشمالا لصعوبة الطّريق.
وقال في اللّسان: والمعرض: الّذي يستدين ممّن أمكنه من النّاس، وفي حديث عمر- رضي الله عنه- «فادّان معرضا» أي أخذ الدّين ولم يبال ألّا يؤدّيه ولا
(١) انظر تفسير الطبري (١٦/ ١٦٣) ، ورغائب الفرقان (بهامش الطبري) (١٦/ ١٤٥) .