للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذلك حال المنافقين.

٦- الإخلاص: ودليله قوله سبحانه: فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ (الزمر/ ٢) . وقوله صلّى الله عليه وسلّم: «أسعد النّاس بشفاعتي من قال لا إله إلّا الله خالصا من قلبه» «١» .

٧- المحبّة لله ورسوله: وكلّ ما يحبّه الله ورسوله من الأعمال والأقوال وكذلك محبّة أوليائه وأهل طاعته. سئل ذو النّون المصريّ- رحمه الله-: متى أحبّ ربّي؟ فقال: إذا كان ما يبغضه أمرّ عندك من الصّبر.

٨- الكفر بما يعبد من دون الله: وأخذ هذا الشّرط من قوله صلّى الله عليه وسلّم: «من قال لا إله إلّا الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه «٢» ... الحديث» «٣» .

[منزلة التوحيد ومكانته:]

قال العلّامة ابن أبي العزّ الحنفيّ: «اعلم أنّ التّوحيد أوّل دعوة الرّسل، وأوّل منازل الطّريق، وأوّل مقام يقوم فيه السّالك إلى الله عزّ وجلّ. قال تعالى:

لَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ فَقالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ (الأعراف/ ٥٩) . وقال هود عليه السّلام لقومه: اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ (الأعراف/ ٦٥) . وقال تعالى: وَلَقَدْ بَعَثْنا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ (النحل/ ٣٦) . ولهذا كان أوّل واجب يجب على المكلّف شهادة أن لا إله إلّا الله، لا النّظر، ولا القصد إلى النّظر، ولا الشّكّ، كما هي أقوال لأرباب الكلام المذموم. بل أئمّة السّلف كلّهم متّفقون على أنّ أوّل ما يؤمر به العبد الشّهادتان، ومتّفقون على أنّ من فعل ذلك قبل البلوغ لم يؤمر بتجديد ذلك عقيب بلوغه، بل يؤمر بالطّهارة والصّلاة إذا بلغ أو ميّز عند من يرى ذلك. ولم يوجب أحد منهم على وليّه أن يخاطبه حينئذ بتجديد الشّهادتين وإن كان الإقرار بالشّهادتين واجبا باتّفاق المسلمين، ووجوبه يسبق وجوب الصّلاة، لكن هو أدّى هذا الواجب قبل ذلك ... فالتّوحيد أوّل ما يدخل به في الإسلام، وآخر ما يخرج به من الدّنيا، كما قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «من كان آخر كلامه لا إله إلّا الله دخل الجنّة» وهو أوّل واجب، وآخر واجب. فالتّوحيد أوّل الأمر وآخره، أعني توحيد الألوهيّة ... » «٤» .

شفاعة المصطفى صلّى الله عليه وسلّم خاصة بالموحدين:

قال الإمام ابن تيميّة: لا ينتفع بشفاعة النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم إلّا أهل التّوحيد المؤمنون دون أهل الشّرك، ولو كان المشرك محبّا له ومعظّما إيّاه لم تنقذه شفاعته من النّار، وإنّما ينجّيه من النّار التّوحيد والإيمان به صلّى الله عليه وسلّم، ولهذا فإنّ أبا طالب وغيره ممّن يحبّونه ولم يقرّوا بالتّوحيد الّذي جاء به لم يكن ليخرج من النّار بشفاعته ولا


(١) ذكره أبو نعيم في الحلية (٩/ ٣٦٣) .
(٢) انظر الحديث رقم (١٥) .
(٣) انظر في الشروط السبعة الأولى كتاب: الشهادتان (١٠٦- ١١٣) ، وكتاب مختصر شرح أركان الإسلام (٢١- ١٢٦) . وقد انفرد الأخير بالشرط الثامن.
(٤) شرح العقيدة الطحاوية (٧٧، ٧٨) .