للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ينجيهم من هذه الأخطار إلّا لزوم المحاسبة، وصدق المراقبة، ومطالبة النّفس في الأنفاس والحركات ومحاسبتها في الخطرات واللّحظات، فمن حاسب نفسه قبل أن يحاسب خفّ في القيامة حسابه وحضر عند السّؤال جوابه، وحسن منقلبه ومآبه، ومن لم يحاسب نفسه دامت حسراته، وطالت في عرصات القيامة وقفاته، وقادته إلى الخزي والمقت سيّئاته، فلمّا انكشف لهم ذلك علموا أنّه لا ينجيهم منه إلّا طاعة الله وقد أمرهم بالصّبر والمرابطة فقال عزّ من قائل: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصابِرُوا وَرابِطُوا آل عمران/ ٢٠٠) فرابطوا أنفسهم أوّلا بالمشارطة، ثمّ بالمراقبة، ثمّ بالمحاسبة، ثمّ بالمعاقبة، ثمّ بالمجاهدة. ثمّ بالمعاتبة. فكانت لهم في المرابطة ستّة مقامات، ولا بدّ من شرحها وبيان حقيقتها وفضيلتها وتفصيل الأعمال فيها وأصل ذلك المحاسبة، ولكن كلّ حساب فبعد مشارطة ومراقبة، ويتبعه عند الخسران المعاتبة والمعاقبة) * «١» .

١٤-* (قال ابن القيّم- رحمه الله-: قد دلّ على وجوب محاسبة النّفس قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ لِغَدٍ (الحشر/ ١٨) يقول تعالى: لينظر أحدكم ما قدّم ليوم القيامة من الأعمال: أمن الصّالحات الّتي تنجيه، أم من السّيّئات الّتي توبقه؟.

قال قتادة: ما زال ربّكم يقرّب السّاعة حتّى جعلها كغد.

والمقصود أنّ صلاح القلب بمحاسبة النّفس، وفساده بإهمالها والاسترسال معها) * «٢» .

١٥-* (عن ابن أبي مليكة قال: دخلنا على ابن عبّاس- رضي الله عنه- فقال: ألا تعجبون لابن الزّبير قام فى أمره هذا، فقلت: لأحاسبنّ نفسي له، ما حاسبتها لأبي بكر ولا لعمر ... الأثر) * «٣» .

[من فوائد (محاسبة النفس)]

(١) تحقيق السّعادة في الدّارين.

(٢) تثمر محبّة الله ورضوانه.

(٣) دليل على صلاح الإنسان.

(٤) البعد عن مزالق الشّيطان.

(٥) دليل على الخوف من الله، ومن خاف من الله بلغ المنزلة.


(١) إحياء علوم الدين للغزالي (٤/ ٤١٨) .
(٢) إغاثة اللهفان- ابن القيم (١/ ١٠١) .
(٣) البخاري- الفتح (٤٦٦٦) .