للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الحاشية: معناه أنّه- عزّ وجلّ- تارك للقبائح، ساتر للعيوب والفضائح، يحبّ الحياء والسّتر من العبد؛ ليكون متخلّقا بأخلاقه تعالى «١» وقد روى أبو داود مثل ذلك ولم يذكر (حليم) «٢» .

[الستر اصطلاحا:]

قال المنذريّ: السّتر على المسلم تغطية عيوبه، وإخفاء هناته.

وقال ابن حجر: معنى قوله «ستر مسلما» أي رآه على قبيح فلم يظهره للنّاس، وليس في هذا ما يقتضي ترك الإنكار عليه فيما بينه وبينه، ومن السّتر أيضا: أن يستتر الإنسان إذا وقع منه شيء.

قال ابن حجر: والّذي يظهر أنّ السّتر محلّه في معصية قد انقضت، والإنكار في معصية قد حصل التّلبّس بها فيجب عليه الإنكار وإلّا رفعه إلى الحاكم «٣» .

وقال الإمام النّوويّ: المراد بالسّتر السّتر على ذوي الهيئات ونحوهم ممّن ليس معروفا بالأذى والفساد، فأمّا المعروف بذلك، فيستحبّ ألّا يستر عليه إلى وليّ الأمر إن لم يخف من ذلك مفسدة؛ لأنّ السّتر على هذا يطمعه في الإيذاء والفساد ... وأمّا جرح الرّواة والشّهود والأمناء على الصّدقات والأوقاف والأيتام ونحوهم، فلا يحلّ السّتر عليهم إذا رأى منهم ما يقدح في أهليّته، وليس هذا من الغيبة المحرّمة بل من النّصيحة الواجبة «٤» .

[الفرق بين الستر والغفران:]

قال الكفويّ في الكلّيّات: الغفران يقتضي إسقاط العقاب، وقيل الثّواب، ولا يستحقّه إلّا المؤمن، ولا يستعمل إلّا في الباري- عزّ وجلّ-، أمّا السّتر فهو أخصّ من ذلك إذ يجوز أن يستر ولا يغفر والغفران لا يكون إلّا في الآخرة (أمّا السّتر فيكون في الدّنيا أيضا) «٥» .

وقال أبو هلال: الغفران أخصّ. وهو يقتضي إيجاب الثّواب، والسّتر سترك الشّيء بستر، ثمّ استعمل في الإضراب عن ذكر الشّيء، فيقال: ستر فلان إذا لم يذكر ما اطّلع عليه من عثرات، وستر الله عليه خلاف فضحه، ولا يقال لمن يستر عليه في الدّنيا إنّه غفر له، لأنّ الغفران ينبأ عن استحقاق الثّواب على ما ذكرنا، ويجوز أن يستر في الدّنيا على الكافر والفاسق «٦» .

[للاستزادة: انظر صفات: الاستغفار- النبل العفة- الحياء- المداراة- الوقاية.

وفي ضد ذلك: انظر صفات الفضح- الإساءة- سوء الخلق- المجاهرة بالمعصية- الطيش] .


(١) سنن النسائي (١/ ٢) (وانظر: حاشية السندي أسفل الصفحة المذكورة) .
(٢) انظر: سنن أبي داود (٤/ ٣٩) (الحديث رقم ٤٠١٢) .
(٣) الترغيب والترهيب (٣/ ٢٣٧) ، وفتح الباري (٥/ ١١٧) (حديث ٢٤٤٢) .
(٤) صحيح مسلم بشرح النووي (١٦/ ١٣٥) ، وانظر الآداب الشرعية (١/ ٢٣٥) .
(٥) الكليات للكفوي (٦٦٦) .
(٦) الفروق اللغوية (١٩٥، ١٩٦) .