للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[من الآثار وأقوال العلماء الواردة في (الاعتراف بالفضل)]

١-* (قال أبو حاتم بن حبّان البستيّ- رحمه الله تعالى-: «الواجب على المرء أن يشكر النّعمة، ويحمد المعروف على حسب وسعه وطاقته، إن قدر فبالضّعف، وإلّا فبالمثل وإلّا فبالمعرفة بوقوع النّعمة عنده، مع بذل الجزاء له بالشّكر. وقوله: جزاك الله خيرا. وقال أنشدني عليّ بن محمّد:

علامة شكر المرء إعلان حمده ... فمن كتم المعروف منهم فما شكر

إذا ما صديقي نال خيرا فخانني ... فما الذّنب عندي للّذي خان أو فجر

) * «١» ٢-* (كان إبراهيم بن أدهم- رحمه الله تعالى- إذا صنع إليه أحد معروفا حرص على أن يكافئه، أو يتفضّل عليه. قال صاحب له: فلقيني وأنا على حمار، وأنا أريد بيت المقدس، جائيا من الرّملة، وقد اشترى بأربعة دوانيق»

تفّاحا وسفرجلا وخوخا وفاكهة فقال لي: أحبّ أن تحمل هذا. وإذا عجوز يهوديّة في كوخ لها فقال: أحبّ أن توصّل هذا إليها، فإنّني مررت وأنا ممس، فبيّتني عندها فأحبّ أن أكافئها على ذلك» ) * «٣» .

٣-* (وقال ابن حبّان البستيّ- رحمه الله تعالى-: إنّي لأستحبّ للمرء أن يلزم الشّكر للصّنائع، والسّعي فيها من غير قضائها، والاهتمام بالصّنائع؛ لأنّ الاهتمام ربّما فاق المعروف، وزاد على فعل الإحسان. إذ المعروف يعمله المرء لنفسه، والإحسان يصطنعه إلى النّاس، وهو غير مهتمّ به ولا مشفق عليه وربّما فعله الإنسان، وهو كاره والاهتمام لا يكون إلّا من فرط عناية، وفضل ودّ، فالعاقل يشكر الاهتمام أكثر من شكره المعروف. أنشدني عبد العزيز ابن سليمان:

لأشكرنّك معروفا هممت به ... إنّ اهتمامك بالمعروف معروف

ولا ألومك إن لم يمضه قدر ... فالشّيء بالقدر المجلوب مصروف) * «٤» .

٤-* (وقال أيضا- رحمه الله تعالى- أنشدني المنتصر بن بلال:

ومن يسد معروفا إليك فكن له ... شكورا يكن معروفه غير ضائع

ولا تبخلن بالشّكر والقرض فاجزه ... تكن خير مصنوع إليه وصانع

وقال أنشدني الكريزيّ:


(١) روضة العقلاء (٣٥٣- ٣٥٤) .
(٢) دوانيق: مفرد دانق والدانق الإسلامي حبّتا خرنوب وثلثا حبة خرنوب؛ والدرهم الإسلامي ست عشرة حبة خرنوب.
(٣) روضة العقلاء (٣٥٢- ٣٥٣) بتصرف.
(٤) روضة العقلاء (٣٥٤) .